header
فضيلة الشيخ عبد الحميد في خطبة الجمعة في زاهدان:

خيّبتم أمل الشعب الإيراني في الانتخابات

انتقد فضيلة الشيخ عبد الحميد، إمام وخطيب أهل السنة في مدينة زاهدان، في خطبة الجمعة (29 شوال 1444)، القيود والتمييزات الموجودة في العملية الانتخابية في البلاد، مشيرا إلى أن هذه التمييزات تسببت في “خيبة أمل” الشعب في الانتخابات، كما أعرب فضيلته عن أسفه لـ “تزايد عمليات الإعدام” في البلاد، مضيفا أنه “لا يمكن إيقاف الشعب بالإعدامات”، مطالبا بوقف عمليات الإعدام فورا.


الانتخابات التركية نموذج من “التنمية” و”الانتخابات الحرّة”
وأشار فضيلة الشيخ عبد الحميد إلى الانتخابات الرئاسية الأخيرة في تركيا قائلا: تركيا من الدول المتقدمة، وأهم تطور هو أن تكون الأفكار متطورة، وتتسع صدور الناس وآراؤهم لتحمل المخالف. الانتخابات الأخيرة في تركيا نموذج من التمنية والتطور في هذه البلاد، حيث تنافس فيها الحزب الحاكم والحزب المعارض، ووصف المراقبون هذه المنافسة بأنها غير مسبوقة. بينما اعتقد الكثير ممن لم يكونوا على دراية بتركيا وشعبها أن هذه الانتخابات قد تؤدي إلى صراع وسفك دماء، لكن لم يحدث شيء ولم يصطدم شخصان مع بعضهما البعض.
وتابع فضيلته قائلا: ما أثار إعجابنا وإعجاب العالم أجمع أنه لم يكن هناك تزوير في الانتخابات التركية، بينما كانت أصوات الحزب الحاكم متقدمة وكان قريبًا جدًا من الفوز، فلو أبطلوا بعض الصناديق التي كانت للحزب المعارض، أو زوّروا بعض الأصوات لأنفسهم لفازوا في الانتخابات، لكن اتضح أنهم ملتزمون بالعدالة، وبفارق بسيط في الأصوات، ذهبت الانتخابات الرئاسية إلى الجولة الثانية وأقر جميع المراقبين بنزاهة هذه الانتخابات.
وأضاف خطيب أهل السنة قائلا: النقطة الأخرى المثيرة للاهتمام هي حرية هذه الانتخابات؛ في جانب كان مرشح علماني لا يعتبر نفسه ملتزمًا بالدين، وفي الجانب الآخر إسلامي. من الجدير بالاهتمام أن الفكرتين في دولة واحدة من شأنهما أن تدخلا الميدان وتشاركا في الانتخابات بدافع بناء الدولة وخدمة الشعب.
وتابع فضيلته قائلا: من دروس انتخابات تركيا أنه يجب على الإسلاميين تحمل العلمانيين، وعلى العلمانيين تحمل الإسلاميين أيضا، لأن الإسلام حقيقة في العالم ومن لا يعرف الإسلام ولا يقبل التديّن، في الحقيقة ينكر حقيقة كبرى في العالم.
واستطرد فضيلة الشيخ عبد الحميد قائلا: هناك متطرفون في العلمانيين، وكذلك لدينا متطرفون بين الإسلاميين بحيث لديهم تفسير متطرف عن الإسلام، نحن نرفض التطرف أيا كان، ونرفض أيضا تلك الديمقراطية التي تصرح بإن الديمقراطية لكل شخص وشيء سوى الإسلام والمسلم؛ هذا النوع من الديمقراطية تطرف وغلو. العلماني المتطرف هو من لا يرى حقا للإسلاميين والمتدينين، والإسلامي المتطرف من لا يرى حقا للعلمانيين. يجب الاعتراف بأولئك الذين لا يؤمنون بالدين، ويجب الاعترف بحقوق الجميع. نحن نؤمن بـ “الاعتدال”. إذا كنا نعتقد أن كل شيء للمسلمين فقط، فهذا خطأ وغلو، وليس من هدي القرآن الكريم وسيرة الرسول صلى الله عليه وسلم، لأن جميع الناس لهم حقوق بغض النظر عن معتقداتهم، ولا بدّ من احترامها.


منع ترشّح “النساء” و”أهل السنّة” لرئاسة الجمهورية أول تمييز وبدعة في الدستور
وصرح خطيب أهل السنة قائلا: الشعب الإيراني يريد مثل هذه الانتخابات حيث تأتي الأفكار المختلفة؛ الإسلاميون وغيرهم ممن يريدون تقدم البلاد ورقيها. هذا ما يعنيه الشعب الإيراني الذي يريد الانتخابات الحرة. يقول البعض رداً على كلامي: إنك مع المعارضة، نقول نحن نقف مع المظلوم ومع الحق، ونحن مع شعب إيران سواء أكانوا شيعة أم سنة أم غير مسلمين، نحن مع غير المسلمين الذين يعيشون في البلاد وقد ضيعت حقوقهم. نقول: إذا كان المسلم على حق فنحن مع المسلم، وإذا كان غير المسلم على حق فنحن نقف مع الحق، وقد أخذنا هذا التعليم من الإسلام. نحن مع العدل والحرية، ونقف مع حرية التعبير والقلم.
واستطرد فضيلته قائلا: عندما نتحدث عن الحرية هناك من يقول: أنتم تريدون السفور، بينما كانت النسوة في إيران محجبات، لكن التشديد على الحريات وعليهن دفعتهن إلى السفور.
وأضاف فضيلته قائلا: أول تمييز وبدعة أقرها الدستور أن الرئيس لا يمكن أن يكون من أهل السنة أو امرأة. تشكل النساء أكثر من نصف سكان البلاد، لقد وضعتم قانونًا كانت خطوته الأولى هي التمييز. لم تراعوا المساواة بين المذاهب، ولقد جعلتم مذهبا واحدًا رسميا وقمتم بتهميش سائر المذاهب، على الرغم من أنه ورد في الدستور أن حقوق هذه المذاهب محترمة ولديها الحرية، إلا أنها لم تمنحنا نفس الحرية. لسوء الحظ هذا البناء فاسد من الأساس. عندما تدرس المرأة في الجامعات، وتنتمي الأقوام وأتباع المذاهب إلى هذا البلد، وتموت دفاعاً عنه، فلماذا لا يمكن أن تصبح المرأة رئيسة ولماذا لا يكون السني رئيسا؟! لماذا لا يمكن أن يصوت الشعب الإيراني لشخص سني أو لمرأة مؤهلة؟! لحد الآن لم يوافق مجلس صيانة الدستور على امرأة واحدة كمرشحة رئاسية؟ لقد قلت في الماضي إن جذور كل مشكلات البلاد هي “التمييز”.
وتابع فضيلته قائلا: هناك قضايا أخرى في الدستور لا وجود لها في أي مكان في العالم وفي أي دين. على الرغم من وجود فقرات في الدستور شلّت البلاد، ولكن ليست كل بنود الدستور سيئة ولها بعض القوّة، لكننا نعتقد إن نقاط القوة في هذا القانون لم يتم العمل بها كما ينبغي.
وأضاف فضيلة الشيخ قائلا: نحن جميعا مواطنون إيرانيون، فإذا كانت هناك أي منفعة في البلاد فهي تعود إلينا جميعا، وإذا كان هناك أي ضرر فهو يذهب إلينا جميعًا. نقول: استمعوا لهؤلاء الشعب الذين يحتجون ويجدون أنفسهم أمام طرق مسدودة. هدفنا هو رؤية الحقائق والتحقق من مصدر هذه المشكلات. لقد أوقفتم الإصلاحات ولم تسمحوا للبلد أن يتجه نحو الإصلاح. شهد الشعب عدة فترات من الإصلاحات وأصيبوا بخيبة أمل من الإصلاحات، ففي الانتخابات الأخيرة كان الجهد هو إدارة البلاد بفكرة واحدة، في حين أن هناك تعددية عرقية ودينية واختلاف المذاهب والأفكار في هذا البلد. أردتم أن تسود فكرة واحدة تعتمد بشكل كامل على التبعية، وبحثتم عن رئيس تابع وممثل تابع ومدير تابع وحكومة تابعة. لقد جربتهم فشل هذه السياسة، وتشاهدون هذه الأيام نتائجها.


لقد خيبتم أمل الشعب الإيراني في الانتخابات
وقال خطيب أهل السنة في زاهدان: في الانتخابات الأخيرة شهدنا أدنى مستوى للمشاركة في تاريخ الثورة. على الرغم من ذلك شارك جزء كبير من السنة، حيث قال الأصوليون: إنكم جربتم الإصلاحيين ولم تحصلوا على نتائج، والآن اختبروا الأصوليين أيضا، فجربنا الأصوليين وقلنا: إنه ربما يمكن للشعب الإيراني والسنة أن يتنفس الصعداء، لكننا لم نحصل على إجابة مقنعة وشعرنا بخيبة أمل.
وتابع فضيلة الشيخ قائلا: نشكو بشدة الرئيس وفريقه الانتخابي الذين قطعوا وعودا خلال الحملة الانتخابية مع نخب السّنّة ولم يفوا بشيء من تلك الوعود. قبل جريمة الجمعة الدامية في زاهدان، ذهبت إلى طهران مرتين، مرة مكثت فيها لمدة سبعة أيام ومرّة لمدة عشرة أيام، وفي لقاء عقدته مع مسؤولي المؤسسة الرئاسية، قمت بالإبلاغ عن الضغوط على أهل السنّة في بعض المناطق، وانتقدت إغلاق المصليات السنيّة، وفي اللقاء الذي عقدته مع رئيس مكتب الرئيس وأحد نوّابه، قلت: أوقفوا الضغوط على السنّة، ويجب أن يكون الناس قادرين على الصلاة بسهولة في الجمهورية الإسلامية. يتعرّض السنّة لضغوط في المحافظات التي يشكلون فيها أقلية.
واستطرد فضيلة الشيخ عبد الحميد قائلا: لقد جعلنا شطرا كبيرا من الشعب ساخطين علينا، وكان الكثير من الشعب مستائين منا لمشاركتنا في الانتخابات، وللأسف لم تتحقق التوقعات ولم يف السياسيون بالوعود التي قطعوها، وخيبوا أمل الشعب الإيراني في الانتخابات. لم يعد لدينا أي أمل من خلال الانتخابات ، ما لم يكن هناك تغيير جذري. مع الطريقة التي تعمل بها بعض الأحزاب والجماعات من أجل الانتخابات، لا أعتقد أن الشعب الإيراني سيستجيب للانتخابات مرة أخرى.


لا قصور للشعب في الجمعة الدامية
وفي جزء آخر من خطبته، أشار فضيلة الشيخ عبد الحميد إلى التصريحات الأخيرة للرئيس بشأن جريمة الجمعة الدامية في زاهدان، وقال: الرئيس سافر إلى تشابهار وتحدث علانية عن حادثة الجمعة الدامية لـالمرة الأولى، قال لا ينبغي أن تضيع في هذا الحادث حقوق أولئك الذين لم يقوموا بأعمال شغب، وكانوا من المشاة واستهدفوا! والمفهوم من خلال كلماته أن الرئيس لم يستوعب حقيقة الحادث بعد.
وصرّح فضيلة الشيخ عبد الحميد قائلا: لم يرتكب أحد من الشعب خطأ في جمعة زاهدان الدامية؛ في ذلك اليوم، لم يكن هناك أي احتجاج، ولم يكن هناك في خطبة الجمعة سوى التعليقات البسيطة والانتقادات التي كانت يتم التعبير عنها منذ ثلاثين عامًا وليس الآن، كما تمت توصية المصلين بمتابعة قضاياهم من خلال الطرق المشروعة، وقيل لهم: الاحتجاج السلمي حق للشعب، ونصح الشعب بأن يجتنبوا الإضرار بالممتلكات.
وتابع فضيلة الشيخ عبد الحميد قائلا: إذا كان الرئيس لا يعلم فعليه أن يعلم أن جريمة الجمعة الدامية في زاهدان كانت مخططة مسبقا. هناك وثائق تشير إلى عدم وجود مشكلة في البداية وكان الناس يصلون بشكل طبيعي، لكن عندما بدأ إطلاق النار من مركز الشرطة، توجه عدد من الأشخاص نحو مركز الشرطة، بينما لم تكن أي مشكلة بين الشعب ومركز الشرطة من قبل.
وقال فضيلة الشيخ عبد الحميد: في هذه الحادثة كان المصلون موجودين داخل المصلى. على الرئيس أن يجري تحقيقا مرة أخرى. قال الرئيس إنه أرسل وزير الداخلية إلى زاهدان بعد هذه الحادثة، نعم قدم وزير الداخلية وقابلناه أيضًا، لكن وزير الداخلية تحدث بكلمات لم يرض شعبنا بها، لأن كلماته لم تكن مبنية على الحقائق وأراد كثير من المسؤولين تبريرها، بينما كانت رغبة الشعب إدانة هذه الحادثة، والاعتذار من الشعب. قال البعض: إنهم على استعداد لدفع الفدية، لكن الشعب لم يكونوا راضين وقالوا إنه يجب إخبارنا بسبب مقتلنا. نطالب الرئيس بالتحقيق ودراسة أبعاد هذه الحادثة والاهتمام بمطالب الشعب.


لا يمكن إيقاف الشعب بالإعدام
وانتقد فضيلة الشيخ عبد الحميد في خطبته تزايد عمليات الإعدام في البلاد قائلا: تأكدوا من أن هذا الشعب لا يمكن إيقافه وإقناعه بالإعدامات والسجون. في الآونة الأخيرة تزايدت عمليات الإعدام كثيرا وصدم العالم بأسره. هذه الإعدامات باسم المخدرات أو غيرها من الأسماء ضرر للحكومة والشعب، وتضر بالدين. قال قائل: إن الدين والإسلام يقتلنا اليوم. هذه الكلمة صدمتني كثيرا، وكانت خاطئة. لو أنه قال إنهم يقتلوننا باسم الدين وباسم الإسلام لكان أحسن. لأن هذه الإعدامات غير موجودة في دين الإسلام وفي قراءة “الإسلام الوسطي” وهي قراءة جمهور الشعب وقراءتنا. هذه الإعدامات هي في الغالب رأي التوجهات المتطرفة من الدين، والمسؤولية تقع على عاتقهم.
وأكد فضيلته قائلا: على العالم ألا يسجل هذه الإعدامات باسم الإسلام، فالإسلام يرفض هذه الاعدامات. أنا أدافع عن الإسلام وأعتبره واجبي. لا ينبغي لأي حكومة في أي جزء من العالم أن تجعل الناس يكرهون الإسلام وتجعلهم يهربون من هذا الدين.
وأضاف خطيب أهل السنة في زاهدان قائلا: لا يمكن الوصول إلى نتيجة بالضغوط والسجن والعنف. إن الشعب يعاني من الجوع وتشعر بالإهانة و إن الأبواب مغلقة عليه. كيف يمكن للشعب الإيراني أن يعيش بينما 53 مليون تومان من عملة بلاده يساوي ألف دولار؟ بل من يستطيع أن يملك 53 مليون أي ما يعادل 1000 دولار؟ مع هذا التضخم وارتفاع الأسعار لا يستطيع الوزير والنائب والمحافظ الذين يتقاضون رواتب عالية العيش. لقد ولّى العصر الذي كان يربط فيه الناس الحجارة على بطونهم، واليوم ظل الناس محاصرين، فعلى المسؤولين أن يفكروا في حل لهذا البلد والشعب.
وتابع فضيلته قائلا: للأسف، في بلدنا حيث واجهنا هذه الأوضاع، هناك ظاهرة لهروب النخب، ولقد تمّ الابتعاد عن الشخصيات الذين يستحقون الإدارة والذين يمكنهم كسر الجمود وتطوير البلاد. يجب على هذه النخب التي لديها الكفاءة والقدرة، أن يأتوا إلى الميدان ويعمروا البلاد. يجب توفير الحريات الضرورية للحياة والتي هي أول حق من حقوق الإنسان في البلاد.


كانت عمليات الإعدام الأخيرة في إصبهان مؤلمة
وأشار خطيب أهل السنة في زاهدان إلى إعدام ثلاثة متهمين في أصبهان وتابع قائلا: إن عمليات الإعدام الأخيرة في أصبهان كانت مؤلمة حقًا. من المشكلات الأساسية التي يجب التفكير فيها هي مسألة الاعترافات؛ من جانب قالت السلطات القضائية والأمنية إن هؤلاء الأشخاص اعترفوا بالقتل، لكن من ناحية أخرى أرسل هؤلاء الأشخاص رسائل من داخل السجن أنهم أجبروا على الاعتراف بها. هذه مسألة مهمة جدا للتفكير فيها، وطالب أهل أصبهان وإيران والعديد من شعوب العالم وقف إعدام هؤلاء الأفراد.
وتابع فضيلته قائلا: “ثقة الناس” بالحكومة تضررت اليوم، ويجب على الحكومة أن تعيد الثقة إلى الشعب. محاربة غياب الثقة من واجبات الحاكم، ويجب على الحاكم أن ينال ثقة شعبه. إذا وثق الشعب، فلن تكون هناك مشكلة. لسوء الحظ فإن أخذ الاعترافات القسرية موجود في البلاد وهو أمر شائع ولا يمكن إنكاره، فالشعب لا يثقون بهذه الاعترافات بسبب طريقة أخذها. إذا كانت هذه الاعترافات طوعية فلا مجال للشك فيها، أما إذا كانت مكرهة فليست لها صفة شرعية وقانونية، والدستور لا يقبل مثل هذا الاعتراف. أطالب السلطات بإيقاف هذه الإعدامات.

405 مشاهدات

تم النشر في: 21 مايو, 2023


جميع الحقوق محفوظة لموقع فضيلة الشيخ عبدالحميد إسماعيل زهي Copyright ©