header

أعرب فضيلة الشيخ عبد الحميد، إمام وخطيب أهل السنة في مدينة زاهدان، في خطبة الجمعة (15 شوال 1444) عن أسفه تجاه إعدام ما لا يقل عن 20 بلوشياً في مختلف سجون البلاد خلال الأسبوع المنصرم، واصفا تلك الإعدامات بأنها “مخالفة للإسلام والقوانين الدولية “، داعيا إلى وقفها فورا.
وقال فضيلته: هناك أنباء هذه الأيام عن إعدام عدد كبير من البلوش من سكان سيستان وبلوشستان بسبب قضايا غالبيتها تتعلق بالمخدرات، والمدهش للغاية أن يتم إعدام الكثير ممن لديهم أهل وأطفال وينحدرون من مدن مختلفة من مناطق محرومة خلال أسبوع واحد. فمن يعتني بهؤلاء الأيتام؟ هل تتولى الحكومة مسؤولية أيتامهم؟ ثم هؤلاء المعدمون لهم آباء وأسر وأقارب؛ وهل فكر المسؤولون في الألم الناتج عن هذه الإعدامات في قلوب ذويهم وأهلهم، ومقدار العداء الذي ينشأ بسبب الإعدام؟
واستطرد فضيلته قائلا: لا نجد في سيرة الرسول صلى الله عليه وسلم أنه قتل حتى أسيرا واحدا، وكانت جميع عمليات الإعدام في سيرة الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم أقل من أصابع اليد، وكان ذلك من أجل القصاص واثنتين أخريين في قضايا أخرى. الرسول كان يحث على العفو، فلا تاريخ لهذه الإعدامات سواء في سيرة الرسول أو في سيرة علي رضي الله عنه. في حروب مثل نهروان وجمل وصفين، قُتل أشخاص من الجانبين، لكن سيدنا عليا رضي الله عنه لم يقتل أسيرا واحدا في تلك الحروب. ضربه قاتله بالسيف ضربة شديدة لدرجة أنه لم يكن هناك أمل في حياته، لكن عندما ألقوا القبض على القاتل، وأرادوا قتله، لم يسمح علي رضي الله عنه بذلك وقال إنني ما زلت على قيد الحياة، فإذا مت، فلورثتي الحق، ثم بعد استشهاد علي رضي الله عنه، وقع الاختيار بأيدي الأولياء فاقتصوا منه.


هل وفرتم وظائف ومهن لسكان المحافظة التي تقومون بإعدام أهلها الآن؟!
وأشار خطيب أهل السنة في زاهدان إلى البطالة والمشكلات الاقتصادية في سيستان بلوشستان قائلا: نحن نعيش في منطقة بلوشستان التي تظل محرومة للغاية، وتقع في حاشية صحراء لوت، ولا توجد فرص عمل، فهل قامت الحكومة ببناء ورشات العمل والمصانع هنا، أو تفعيل المناجم، أو استخدام إمكانات البحر والحدود؟ في أي شعبة قامت الحكومة بخلق فرص العمل، حيث بدأت تعدم أهلها الآن بتهمة حمل المخدرات؟! الشباب عاطلون عن العمل، ولا شك أن المخدرات لها أضرار جسيمة وهي من أخطر المواد، لكن هل خلقتم فرص العمل لسكان المحافظة؟ وهل تعلمون أن قسما كبيرا من هؤلاء الأشخاص ذهبوا إلى تجارة المخدرات بسبب الفقر والبطالة؟ إن محافظة سيستان وبلوشستان بها أكبر عدد من الشباب؛ وهؤلاء الشباب عاطلون عن العمل وليس لديهم تعليم، فهل قدمتم لهم التعليم والتدريب كما ينبغي أن يكون؟
وأضاف فضيلته قائلا: للأسف تتقنون الإعدام فحسب. قوانين الإعدام والكثير من القوانين الجزائية التي أقرّها مجلس النواب لا تتفق مع سيرة الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم وسيرة علي رضي الله عنه، ولا مع الشريعة الإسلامية، ولا مع الفقه الإسلامي، ولا مع القوانين الدولية. إحدى المشكلات التي نواجهها منذ بداية الثورة هي أن كل قانون تم إقراره بقي على حاله. في هذا الدستور لدينا فقرات لم تنجح وشلت البلاد ويجب تغييرها. في جميع أنحاء العالم، عندما يصادقون على قانون ما، فإنهم يتحققون مما إذا كان هذا القانون جيدا أم سيئا. كل القوانين التي صدرت في العالم ليست قوانين سماوية، بل قوانين ناتجة عن العقل البشري والبشر يخطئون؛ أولئك الذين كانوا أعلى منا ارتكبوا أخطاء، لكنهم صححوا أخطائهم.


كيف يوثق بمن يقتل شعبه؟
واستطرد فضيلة الشيخ عبد الحميد: في عهد النبي الكريم صلى الله عليه وسلم اقترح بعض الصحابة أن يقتل المنافقون الذين يوصلون أخبار المسلمين إلى الأعداء ويحرضونهم على المسلمين، لكن النبي صلى الله عليه وسلم رفض ذلك وقال: “لا يتحدث الناس أنه كان يقتل أصحابه”. كيف يوثق بمن يقتل شعبه؟! لم يقتنع النبي صلى الله عليه وسلم بقتل المنافقين الذين حاولوا اغتياله عدة مرات وسحروه، وهذا هو العفو والشفقة.
وصرح فضيلته مخاطبا المسؤولين: نطلب منكم بنصح وخير وقف هذه الإعدامات. الإعدام خسارة للبلد والشعب؛ لماذا يقول العالم إن إيران لديها أكبر عدد من الإعدامات؟ أي حكومة تقتل شعبها؟ هؤلاء هم الشعب وليس من المعقول قتلهم. توقفوا عن إعدام الشعب وضرب المتظاهرين الذين لم ينزلوا إلى الميدان بالسلاح. لا تسجنوا الذين ينتقدون، دعوهم يعربوا عن آرائهم.


أعظم ظلم للبلاد صدر من أولئك الذين أوقفوا “النقد” / لا ينبغي لأحد في العالم أن يكون خطاً أحمر
وأكّد خطيب أهل السنة في زاهدان قائلا: إن أكبر ظلم للبلاد كان إيقاف الانتقاد. ما من أحد في الدنيا أعلى من النبي صلى الله عليه وسلم؛ ولقد تعرض صلى الله عليه وسلم لانتقادات، ففي صحيح البخاري أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يعط شيئًا لشخص في توزيع الصدقات، فجاء أحد الصحابة وسأله ثلاث مرات، لماذا لم تعطِ ذلك الشخص شيئًا؟ فأقنعه الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم لماذا لم يتصدق على ذلك الشخص، وفي رواية أن رجلا أتى النبي صلى الله عليه وسلم يتقاضاه، فأغلظ، فهم به أصحابه، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «دعوه، فإن لصاحب الحق مقالا».
وأشار فضيلته قائلا: لا أحد في العالم يجب أن يكون خطا أحمر. النقد مفيد ويفتح الطريق، ليس لدينا في الإسلام شيء من هذا القبيل بحيث يجعل هناك شخص ما خطا أحمر، فلا تضعوا خطًا أحمر؛ كلنا بنو آدم ولسنا معصومين عن الخطأ. القرار الذي يصادق عليه مجلس الخبراء والبرلمان ليس بالوحي وقد يكون خاطئا، والجميع يرتكبون أخطاء وينزلقون. لقد قلت مرات عديدة إنني إذا قلت كلاما خاطئًا، سأفرح إذا نبهني أحد على أخطائي.
وتابع خطيب أهل السنة قائلا: لقد اقترحت قبل سنوات قليلة بإنشاء منصة حرة يتمكن الشعب من خلالها انتقاد النظام القضائي والبرلمان والرئيس، وأعتقد أنه من مصلحة القيادة ومصلحة جميع المسؤولين أن يتحدث الشعب بحرية عن أي شخص وينتقدوه، لكنهم لم يستمعوا إلى هذا الاقتراح.


الطريقة الوحيدة هي التحدث والاستماع إلى كلام النقاد والمعارضين
وأضاف فضيلة الشيخ عبد الحميد: لا ينبغي أن يتحلق حول شخص أعطى الله تعالى أو الشعب أو القانون كلَ شيء بيده، طائفة خاصة. هناك مشكلة مماثلة في بعض البلدان الأخرى. حيثما يحدث هذا، تظهرالمشكلات. يجب أن يسمح كل شخص مسؤول جميع الأطياف بالتحدث. أنا متأكد من وجهة نظري ولا أحنث لو حلفت بالقول إنه لا يمكن حل المشكلات من خلال السجن والقتل، لكن الجلوس والتحدث والاستماع إلى رأي النقاد والمعارضين يمكن أن يحل المشكلة؛ استمعوا إلى كلام هذا الشخص الذي يريد خيركم وأفرجوا عن المعتقلين السياسيين، رجالا ونساء وآكاديميين وعلماء، واجلسوا معهم واستمعوا إلى كلامهم.
وأضاف قائلا: نحن مستاؤون من قيام شخص ما بقتل ضابط أو صدم رجل دين بسيارة. نحن لا نحب ذلك أيضا، ونقول إنه لا ينبغي لإيراني أن يقتل مواطنا آخر. يوم الجمعة الماضي نصحت الجيش والقوات الأمنية بعدم ضرب الشعب، وقلت هؤلاء هم شعب إيران وأنتم أيضا إيرانيون وأبناء هذا الشعب، ولا يمكنكم الهروب والذهاب والعيش في مكان آخر، بل يجب أن تكونوا مع هؤلاء الشعب. نصيحتي للشعب الإيراني ألا يقتلوا الضباط، وليس من الصواب قتل الشعب، لأننا جميعا مواطنون ولدينا مصالح مشتركة.
وتابع فضيلته قائلا: أريد أن أقول لكم بصراحة، إنه لا يمكن إدارة البلد بهذه الطريقة. السجن لن يحل المشكلات. تم سجن العديد من العلماء، والعلماء لديهم شكاوى. لقد تحدثت ببعض الكلمات، لكن هؤلاء العلماء مشغولون بالتدريس. يؤسفني أن أرى العلماء في السجون. بعض الذين كتبوا رسائل وانتقدوا مرشد الثورة، تم اعتقالهم وسجنهم. لا تسجنوا هؤلاء، بل خذوهم إلى المرشد ليتحدثوا معه.


لم تكن العقوبات في مصلحة الشعب؛ بل كان لصالح أولاد المسؤولين
وأشار خطيب أهل السنة إلى انهيار عملة البلاد، قائلا: واجهت البلاد اليوم تحديا خطيرا ومأزقا كاملاً؛ القوات المسلحة والموظفون يتضورون جوعا، والوزارات فقدت معنوياتها. تحتج جميع النقابات على هبوط قيمة العملة. ما الذي يمكن أن يحل محل قيمة العملة عندما تنخفض قيمتها؟ عندما يصل دولار واحد إلى أكثر من خمسين ألف تومان ولا قيمة لعملة البلاد مقارنة بعملات البلدان الأخرى، فكيف يمكن للمواطن العمل بهذه العملة؟! سمعت أن المسؤولين قالوا إنه سيضاف إلى رواتب العمال والمتقاعدين؛ تضيفون هذا المبلغ، لكن لا فائدة منه عندما لا تكون للعملة قيمة. كل شخص يعمل في أي قطاع، يحتاج إلى عمال، وكل ما يقدمونه لا يمكن أن يرضيهم. لا تستطيع الشركات إرضاء عمالها.
وأضاف قائلا: انكسر ظهر العملة الوطنية، ويجب أن تعود قيمة العملة. كان لدى الحكومة الكثير من الفرص، لكنها لم تستطع حل مشكلة العقوبات. ما هي قيمة الطاقة النووية إذا وصلت البلاد إلى هذا الوضع السيء؟ لم تستمعوا إلى الشعب. كان يجب عليكم حل المشكلة وعدم السماح للعملة بالوصول إلى هذا الحد. قال البعض إن هذه العقوبات نعمة وستزدهر البلاد. أي ازدهار؟ كانت هذه العقوبات لصالح الأشخاص وأولاد المسؤولين الذين أخذوا النفط وباعوه في السوق السوداء. هذه العقوبات لم تكن لصالح الشعب، وتضررت المصالح الوطنية. عجزتم من محاربة الفساد والاختلاس بشكل صحيح وإدارة القضية، وأفرغتم خزائن البلاد، وهناك شائعات بأنهم يريدون بيع أشياء كثيرة.


البلد غير مستقر اقتصاديا لأنه لا يتمتع بـ استقرار سياسي
وتابع فضيلة الشيخ عبد الحميد قائلا: إن الشعب الإيراني من أفضل شعوب العالم، وإيران من أكثر بلاد العالم ثروة، وأعظم ثروات هذا البلد، النخب الذين لم يستطع الكثير منهم العيش هنا وهربوا إلى الخارج. يجب أن نطلب منهم العودة إلى إيران. يجب أن تعود قيمة العملة الوطنية، ويجب أن يوضع حد لقيمة العملة، وهذا سهل إذا اخترنا الطريقة الصحيحة. بدل أن تزيدوا من رواتب العمال والمتقاعدين، أعيدوا قيمة العملة الإوطنية.
وأكد فضيلته قائلا: إن طريقة إعادة النخب إلى البلاد هي إعادة قيمة العملة الوطنية، وهذا أيضا هو السبيل لإصلاح الاقتصاد اليوم. الاقتصاد غير مستقر، لأن سياسة البلاد غير مستقرة، وعندما لا يكون هناك استقرار سياسي، لن يكون هناك استقرار في البلاد وسيتزعزع كل شيء.

381 مشاهدات

تم النشر في: 6 مايو, 2023


جميع الحقوق محفوظة لموقع فضيلة الشيخ عبدالحميد إسماعيل زهي Copyright ©