header
فضيلة الشيخ عبد الحميد في خطبة الجمعة في زاهدان:

يجب الخضوع لرأي الشعب وإن اختار نظاما آخر

أشار فضيلة الشيخ عبد الحميد، إمام وخطيب أهل السنة في مدينة زاهدان، في خطبة الجمعة (26 رجب 1444) إلى الخلافات القائمة بين الشعب والحكومة، معتبرا أن “الخضوع لرأي الشعب” هو أفضل وسيلة للخروج من الخلافات الموجودة.


تختلف رؤيتُنا عن الإسلام عن رؤية مؤسس الثورة
وأشار فضيلة الشيخ عبد الحميد إلى الخلاف القائم بين الحكومة والشعب، قائلا: الكل يعلم أن هناك خلافا بين الشعب والحكومة والنظام، وهذا واضح، وهذه الخلافات لم تنشأ منذ عدة أشهر وإنما منذ عدة سنوات وهي الآن تصاعدت وتوسعت. الشعب له مطالب ويريد التغيير، ومنذ القديم عندما كان هناك نزاع كانوا يراجعون إلى التحكيم، حتى في حالة وجود نزاع في الأسرة، يجب أن يجلس الأطراف مع الحكم وإذا كانوا صادقين، فسيتم حل المشكلة. التحكيم مهم، ويؤكده القرآن، كما ورد في الحديث.
واستطرد فضيلته قائلا: نظام الجمهورية الإسلامية قائم في إيران منذ 44 عاما. في عام 1979، عندما انتصرت الثورة بقيادة الزعيم الراحل للثورة، قال إنني سآتي بإسلام خالص. كان الجميع سعداء ورحبوا به. في الإسلام تفسيرات مختلفة، ولا توجد في الإسلام قراءة واحدة ولا تفسير واحد؛ جلب مؤسس الثورة الإسلامية الراحل تفسيره وقرائته إلى البلاد، والآن تجري نفس القراءة والتفسير، واليوم يعرف الناس بحمد لله ويجب أن يعرفوا أكثر أن هناك قراءات مختلفة للإسلام. هناك قراءة جارية عن الإسلام، ولكن هناك فهم آخر وهو فهمنا للإسلام، ومن الممكن أن يكون لكل من السنّة والشيعة تفاسير مختلفة عن الإسلام.


لا يعين الحاكم من جانب الله تعالى / الحاكم يجب أن يختاره الشعب
وأكد خطيب أهل السنة حول هذا الاختلاف في فهم الإسلام والدين قائلا: في تفسيرنا للإسلام، المهم الصدق والعدل والحرية. في هذه القراءة والرؤية، العدالة والحرية مهمتان. إن حرية التعبير والقلم والأحزاب والمنظمات وكل هذه الأنشطة السياسية والاجتماعية مهمة، ونؤمن بأن الحرية جاءت من بداية الإسلام، ومن هذا المنطلق فإن انتقاد الحاكم كان حرا. كانت هناك حرية انتقاد من الخلفاء الراشدين، وانتقدهم كل من الرجال والنساء.
وتابع: في تفسيرنا عن الإسلام، الشعب هم الذين يختارون الحاكم. يقول علي رضي الله عنه نفسه أنه تم اختياري من قبل الشورى الذي اختار بقية الخلفاء. في هذا الرأي، لا يوجد حاكم معين من جانب الله تعالى.
وأضاف فضيلته قائلا: نعتقد أن الشعب هم الذين يجب أن يقرروا مصيرهم ويختاروا من يحكمهم. صحيح أننا صوتنا للدستور، لكن هناك أمور في الدستور لا تتفق مع معتقداتنا، ولكن عندما صوت الجمهور لصالحه، قبلنا هذا الدستور أيضا، رغم أننا ننتقده، ولكن في الدستور الإسلامي و الرأي الديني، يجب على الحاكم أن يختاره الشعب.


في رؤيتنا عن الإسلام لا مكان للإعدام والاعتراف بالإكراه
وأكد فضيلة الشيخ عبد الحميد أنه لا مكان للإعدام والاعتراف القسري في هذا الفهم للإسلام، قائلا: في هذا الفهم، ليس لدينا بشكل عام إعدامات غير القصاص، والحالات النادرة الأخرى التي لا يتم تنفيذها عامة. قد يكون هناك إعدام في بلاد إسلامية وغير إسلامية أخرى ولكن في تفسيرنا عن الإسلام لا يوجد إعدام، ومن هذا المنطلق، فإن الاعتراف بالإكراه مرفوض ولا مكان له. في رؤيتنا عن الإسلام يمكن للشعب أن ينتقدوا الحاكم والحكومة بسهولة، كما أن للرجل الحق، فإن للمرأة أيضا الحق، ولا فرق في التعليم بين الرجال والنساء.
وأضاف: في رؤيتنا عن الإسلام تتمتع جميع القوميات وأتباع المذاهب والأديان وجميع البشر بحقوق متساوية، والمبدأ هو الإنسانية، وبناء عليه يتم احترام حقوق الجميع. رؤيتنا عن الإسلام تحارب وتعارض التمييز بقوة.


لو كانت لدينا خيارات لما احتجزنا سجناء سياسيين حتى لمدّة ساعة / لا نصرّ على تطبيق فهمنا للإسلام
وأكد فضيلة الشيخ عبد الحميد على أننا لا نصر على تنفيذ هذا الرأي وتابع قائلا: إنني أقول لأبناء الشعب الإيراني أن هذا هو رأينا ولا نصرّ على تطبيق هذا الرأي. في قرائتنا عن الإسلام لا يوجد سجين سياسي. سبق وقلتُ إننا لو كانت لدينا سلطة لما احتفظنا بسجين سياسي لمدة ساعة؛ لأن السجين السياسي هو من يتكلم وينتقد، ونحن نرحب بالحوار والمعارضة. على أي حال، هذا هو فهمنا لدين الإسلام، والقراءات مختلفة. نحن لا نصرّ على رأينا ونعتقد أن الحل الوحيد للخلافات في الشعب، هو رأي الأغلبية.


الاستفتاء هو الحل للخروج من العنف
وأضاف خطيب أهل السنة قائلا: نعتقد أنه لا ينبغي لأحد أن يصر على رأيه ومنهجه، لكن يجب أن نرى ماذا تريد الأغلبية. يجب أن نخضع لإرادة الشعب لحل النزاع. الاستفتاء وتصويت الأغلبية هو أفضل وسيلة للخروج من العنف. الحبس والقمع لا جدوى منهما، بل الطريق هو التحكيم والتفكير الصحيح. لننظر ماذا يريد الجمهور، فإذا كان الجمهور يريدون نظاما آخر وحكومة أخرى، يجب الخضوع لرأي الجمهور، بشرط ضمان حقوق الشعب الإيراني واحترام الحرية الدينية بالكامل، وهذا هو أفضل طريقة للخروج من الأزمة.
وتابع قائلا: يجب على الكبار والشعب أن يفكروا في هذا حفاظا على وحدة الوطن و انسجامه. نعتقد أن إيران تنتمي إلى كل مواطن إيراني، من أي دين ومذهب وقومية كان، وبالنسبة لنا، فإن الوحدة الوطنية والتضامن بين الإيرانيين أمر مهم، وإذا تمكنا من حل مشكلتنا سلميا وبالطريقة الصحيحة وأن نكون معا، فهذه هي الطريقة المعقولة والحكيمة.
وأكد فضيلة الشيخ عبد الحميد على ضرورة إطلاق سراح السجناء، وأشار قائلا: العديد من العلماء يقبعون في السجون في محافظات مختلفة، ولا سيما في كردستان وسيستان بلوشستان. وجود العلماء مصدر خير ونعمة، وإذا تحدثوا، فهم متعاطفون ومحبون للوطن. يجب الإفراج عن المعتقلين السياسيين والجلوس معهم للحديث وحل المشكلة سلميا، فإذا تحقق هذا الأمر، فهذا هو أفضل رقي وعقلانية.


بيت المال أمانة في أيدي الحكومات
وقال فضيلة الشيخ عبد الحميد في إشارة إلى حديث «إذا وسد الأمر إلى غير أهله فانتظر الساعة»: عندما تؤسد الأمور إلى غير أهلها، ولا توزع المناصب بناء على الاستحقاقات والكفاءات والخبرات، بل بناء على العلاقات، فعندئذ تقوم القيامة. إن بيت المال أمانة في أيدي حكومات العالم. ثروات الشعب وأسرارهم أمانة في أيدي أي واحد منّا كانت. الأمانة لها معنى واسع للغاية، ولكن الأهم هي مصاديق الأمانة، ومن مصاديقها التي ذكرها رسول الله صلى الله عليه وسلم، هي المناصب والرئاسات. يجب أن توزع المناصب والوظائف التي هي في أيدي الحكومات، على أساس الجدارة، وليس على أساس العلاقة والقرابة، ولقد صرح النبي الكريم أن توسيد الأمر إلى غير أهله من علامات اقتراب القيامة.
وصرح فضيلته قائلا: عندما لا توسّد الأمانة إلى أهلها ولا يُفوض المنصب إلى الشخص الكفء، فإن القيامة هنا عندئذ هي الفوضى التي تحدث وتسبب استياء الناس؛ يستخدم الناس في عرفهم مقولة: “قد قامت القيامة” فيما إذا حدث هرج وقلق وفوضى. ولا شك أن تفويض العمل إلى المستحقين والمتخصصين على أساس القانون والجدارة، وليس على أساس القرابة، من المصاديق البارزة للأمانة.


بيع الممتلكات العامّة أقلق الشعب/ هذه ليست أموال حكومية بل هي ملك الشعب
وصرّح خطيب أهل السنة بخصوص مشروع بيع الممتلكات الفائضة لسداد عجز الموازنة: إن المشكلة التي أثارت القلق في البلاد اليوم هي مشروع بيع الممتلكات العامة، وهي جزء من العقارات التي يشار إليها بممتلكات حكومية، لكنها في الحقيقة ليست ممتلكات حكومية، بل أموال عامة، والحكومة هي الوصي عليها، وقد صدر أمر لمجلس من سبعة أعضاء ببيعها وتمويل عجز ميزانية الحكومة للعام الجديد.
واستطرد فضيلته قائلا: قلق الشعب يأتي من ناحية أن هذه الأموال لبيت المال. لدى الشعب ذكرى مريرة من بيع الممتلكات العامة أو تفويضها إلى القطاع الخاص، حيث فوضت شركات ومصانع في السابق للقطاع الخاص، فقامت بعض المنظمات والشخصيات المؤثرة بشرائها بسعر رخيص، ولم يتم بيع بعض هذه الأموال العامة بالسعر الحقيقي، وأصبح هذا شائعا جدا في المجتمع. عندما لا يتم بيع شيء ما بالسعر الأصلي، يخسر الشعب، لأنه من الثروات الوطنية.
وأضاف فضيلته قائلا: إن القلق الموجود حتى الآن والذي تم الاحتجاج عليه حتى في البرلمان وهيئة الدولة، هو أنهم يخشون أن يفرض البعض سلطتهم هنا ويأخذوا أموال بيت المال بثمن بخس، ونحذر السلطات من هذه الخطوة ونرى أن أفضل طريقة هي سداد عجز الموازنة من طرق أخرى، مثل مبيعات النفط، وليس بيع الممتلكات العامة.


لتعلم طالبان أننا ننتقدهم أيضا / اسمحوا للنساء بالتعليم
وتابع فضيلة الشيخ عبد الحميد مخاطبا قادة الحكومة الأفغانية، وقال: نصيحتي الموجزة لأفغانستان هي أنه في الجهاد ضد قوات الاحتلال، اعتبرنا ذلك صحيحا لأننا نعتقد أنه لا يحق لأي دولة، إسلامية أو غير إسلامية، غزو دولة أخرى، والتحكم في مصير شعبه. لكل شعب الحق في وطنه. لم يكن دعمنا لهذا الجهاد ماديا، بل معنويا. دعونا لطالبان واعتقدنا ذلك حقا، وعندما انتصرت طالبان، كان ذلك مصدر سرور لنا.
وأضاف قائلا: اليوم ندعو من أجل طالبان التي تحكم هذا البلد، ولكننا اليوم أيضا نقدم النصح والنقد. نعتقد أن النقد البناء ضروري ولا نؤمن بالتخريب. يجب أن تعلم طالبان أنهم يتعرضون للانتقاد هنا، لكن هذا النقد بناء. نحن نريد خيرهم. أعلم أن طالبان تفكر في أن تعليم النساء والفتيات يجب أن يكون متاحا، لكنهم يريدون تسهيل الظروف، لكني أنصحهم بعدم إغلاق أبواب طريق العلم حتى ليوم واحد؛ حتى لو كان هناك فسادا، يجب منع الفساد وليس التعليم، كما أوصي باستخدام القوميات والمذاهب وتوظيف المؤهلين، وتوفير حرية التعبير والقلم، ولا ينبغي الخوف من النقد.
واستكمل خطيب أهل السنة نصيحته، قائلا لطالبان: لا تدعو الثقافات القومية المحلية المتشددة تسود على الدين، واستعينوا في ذلك بما في الكتاب والسنة من توسع وتيسيرات، وبما في الفتاوى من رخص.


الذين يريدون تطبيق الشريعة، عليهم السعي لذلك بالطرق السلمية السياسية
وأردف فضيلة الشيخ عبد الحميد: إن بعض الجماعات تقاتل في كثير من الدول الإسلامية وغير الإسلامية باسم “الجهاد” وتنفذ عمليات انتحارية، وتهدف إلى تطبيق الشريعة الإسلامية. لا نعرف من أعطى الفتوى لهذه الجماعات. نحن لا نوصي بهذا أبدا، ونخشى على مصير أولئك الذين يُقتلون من الجانبين.
وأشار فضيلته قائلا: نصيحتي ورسالتي من هذا الاجتماع لهذه المجموعات أنه إذا كان هناك من ينوى تطبيق أحكام الشريعة، فعليهم الدخول في السياسة وتشكيل الأحزاب والجماعات وتقديم رؤيتهم عن تطبيق الشريعة، إذا أعجبت رؤيتهم وقراءتهم الشعوب، فإنهم سيصوتون لها، وإذا كان الشعب لا يريدونها، فلا يحق لأحد أن يحكم الشعب بقوة السيف والسلاح.

386 مشاهدات

تم النشر في: 19 فبراير, 2023


جميع الحقوق محفوظة لموقع فضيلة الشيخ عبدالحميد إسماعيل زهي Copyright ©