header
فضيلة الشيخ عبد الحميد في خطبة الجمعة:

أظهر الشعب الإيراني نموذجاً للوحدة في ذكرى شهداء زاهدان

انتقد فضيلة الشيخ عبد الحميد، إمام وخطيب أهل السنة في مدينة زاهدان، في خطبة الجمعة (16 ربيع الثاني 1444)، أعضاء مجلس النواب الذين طالبوا بالعقوبة الشديدة للمتظاهرين، مؤكدا على ضرورة استماع صوت الشعب وتوفير الحرية في البلاد.


لم نكن نتوقع هذا السلوك من نواب المجلس
وانتقد فضيلة الشيخ عبد الحميد في قسم آخر من خطبته، مطالبة نواب المجلس بأشد العقوبة على المعترضين، مؤكدا على لزوم استماع كلمة الشعب وإعطاء الحرية، قائلا: نرى أن في الوقت الذي يعترض ويحتج فيه جزء كبير من الشعب الإيراني، وهذا الاحتجاج شائع بين الشعب، على السلطات أن يستمعوا إلى كلمتهم. يجب على القادة الاستماع إلى الشعب والجلوس معهم. من المناسب أن يفهموا ماذا يريد الشعب؟
وأشار فضيلته إلى رد فعل النواب في البرلمان على الاحتجاجات: سمعت شيئًا من مجلس النواب، أن النواب وقّعوا بيانًا شديد اللهجة تجاه المتظاهرين، ولقد تفاجأت كثيرًا بهذا؛ لأن البرلمان بيت الشعب ويوجد فيه ممثلو كل الشعب الإيراني. أنتم ممثلو الشعب وعليكم تشجيع المسؤولين على الاستماع إلى الشعب. عليكم أن تدافعوا عن الشعب حتى لا يتم إطلاق النار عليهم برصاص حربي. يجب عليكم أيضا أن تنصحوا الناس بعدم تدمير أي شيء وتذكر أخطاء المتظاهرين، ولكن يجب أيضًا تذكير الضباط بأن هؤلاء هم من الشعب الإيراني ولا ينبغي إطلاق النار عليهم برصاص الحرب. عليكم أن تشفعوا للإفراج عن السجناء، ودافعوا عن حقوق الشعب والحكومة. أنا لا أقول أن تكونوا بجانب الشعب تماما، لكن عندما تكتبون رسالة وتطلبون أشد العقوبة للشعب، يجب أن تعرفوا أنكم تمثلون الشعب. هل هذا جدير بممثلي الشعب؟ هل البرلمانات الأخرى في العالم تفعل ما فعلتموه؟
كما انتقد خطيب أهل السنة في زاهدان قطع خطاب ممثل مدينة تشابهار في البرلمان، قائلا: ينبغي أن أدعو بالخير للدكتور سعيدي، ممثل أهالي تشابهار، الذي تحدث عن آلام الناس والأشخاص الذين استشهدوا بلا سبب، وتأسفتُ لماذا قطعوا صوت النائب الذي يدافع عن الشعب وصوته صوت الشعب، وتأسفت أن نائب رئيس مجلس النواب الذي ترأس الاجتماع، اتهم شعبنا المحب للوطن وحراس الحدود، بالانفصاليين والمشاغبين. هذا أمر لا يتوقع من شخص يقال إنه ممثل في البرلمان.


اليوم يعرف جميع المسؤولين أن الناس قُتلوا بغير حق
وشدّد فضيلة الشيخ عبد الحميد على ضرورة حفظ الأمن في المنطقة، وتابع قائلا: الأحداث التي وقعت في مدينتي “زاهدان” و”خاش” كانت خطيرة للغاية وقتل الكثير من المصلينن لكننا حاولنا جميعًا عدم تعكير صفو أمن المحافظة، ولقد حافظ شيوخ القبائل على أمن المنطقة حسب مقدرتهم ونشكرهم. لكن يجب التعرف على من تسبب في هذه الكارثة ولماذا؟
وأضاف فضيلته قائلا: اليوم والحمد لله اتضح الأمر وعلم كبار المسؤولين وكذلك السؤولين المحليين والشعب أن الناس قتلوا ظلما في حادثة الجمعة الدامية المؤسفة. الحمد لله اتضحت اليوم حقوق ذوي الشهداء. قلنا منذ البداية أن أهم شيء هو إدانة هذه الجريمة وبعد ذلك يجب تقديم مرتكبي الجريمة والآمرين بها للمحكمة، ولا بد من إزالة تهمة الانفصالية التي اتهم بها الشعب بعد هذه القضية وكررها نائب رئيس البرلمان. يسعدنا أنه تم توضيح ذلك واتخذت الحكومة خطوات. تم إيقاف بعض المسؤولين العسكريين عن العمل وهذه خطوات إيجابية. نحن نؤمن بأن شخصا إذا قام بعمل إيجابي مهما كان، يجب أن نقبله.


لم يقبل أهالي الشهداء اقتراح الدية
وصرح خطيب أهل السنة قائلا: الخطوات التي رفعت هي مصدر ارتياح لنا، لكن المهم أن تدين السلطات هذه الجريمة، وعلى وسائل الإعلام التي تحدثت عن الانفصالية وزعمت أن الناس أرادوا الاستيلاء على مخفر الشرطة، وفي الحقيقة لم يكن في أذهان الناس مثل ذلك، عليها استرضاء الشعب، وأن تعلن براءة الشعب من هذه الافتراءات، كما يجب محاكمة سائر المجرمين.
وتابع فضيلته قائلا: قيل لأهالي الشهداء بأننا سنمنحكم المال، لكنهم قالوا إننا لا نريد المال، بل يجب الحفاظ على عزتنا، وإزالة الإهانات التي ارتكبت، ونأمل أن يتم ذلك في القريب العاجل. تم التحدث مع محامين من طهران ويجب السماح لهم بالحضور إلى هنا، لأن الشعب أنفسهم ليسوا عارفين بالقوانين. كما تم تشكيل فرع للتعامل مع هذه القضة، وهذه أيضًا إحدى الخطوات الإيجابية. هذه القضايا تتعلق بشهداء زاهدان، ولكن القضايا العامة المتعلقة بالبلاد تبقى مكانها.


كيف قتلتم أناسا أبرياء لم تكن معهم أسلحة؟
وفي قسم آخر من خطبته، انتقد فضيلة الشيخ عبد الحميد من عدم اهتمام السلطات بتحذيرات النخب قائلا: هؤلاء الشعب توحدوا اليوم، ولقد وحّدتهم قواسم مشتركة من ضغوط الحياة والحرية والمطالبة بالعدالة. كل واحد منا بدوره طرح المشكلات بدافع الشفقة. تحدث العديد من السجناء السياسيين ومن هم في الخارج عن هذه المشكلات. منذ عام أو عامين أو أكثر، قيل إن هذه السياسات الداخلية والخارجية لا تستجيب، وأن الناس قلقون، ويجب إعادة النظر في السياسات الداخلية والخارجية. نحن لسنا أعداء، بل نريد الخير. لم أكن أنا أيضًا بوحدي، بل حذر علماء وأكاديميون وأطياف مختلفة. ولو سمعت تلك الكلمات، لما رأينا هذه الاحتجاجات في البلاد اليوم، ولحصلت مرضاة الشعب وحققوا مطالبهم، ولكن للأسف لم يلق هذا الكلام آذاناً صاغية.
وأضاف فضيلته: في حادثة الجمعة الدامية في زاهدان وكذلك حادثة خاش المفجعة التي تؤذي كل إنسان حر، لماذا قتل الناس بالرصاص الحربي؟ لا نعرف أين تم تدريب هذه القوات التي ترتزق من بيت المال؟ حتى لو لم يكونوا إيرانيين وقد جاءوا من الخارج، فهم إن كانوا بشرا كيف تجرؤوا على هذه الجرائم؟ بينما الإنسان لا يجرؤ على قتل حيوان بهذه الطريقة. كيف قتلتم هؤلاء الناس الذين لم تكن لديهم أسلحة؟ هؤلاء كانوا معترضين وربما رشقوا بالحجارة.


أظهر الشعب الإيراني نموذجاً للوحدة في ذكرى شهداء زاهدان
وشكر فضيلة الشيخ عبد الحميد الشعب الإيراني على تعاطفهم في ذكرى حادث الجمعة الدامية في زاهدان، قائلا: يجدر بأن أشكر شعب إيران الأعزة، فهؤلاء شعب جديرون بالاحترام والمحبة. لقد تعاطف شعب إيران من سنندج إلى طهران ومن مشهد وأصفهان ومدن أخرى في ذكرى هؤلاء الشهداء، وقد تعاطفوا من قبل. لقد أظهر هؤلاء الأشخاص نموذجا من الوحدة، واللسان عاجز عن الشكر. إن هذه الوحدة والتعاطف هي التي تضمن سلامة أراضينا، وهذه هي الوحدة التي تزيد من أمننا الوطني.
وقال خطيب أهل السنة في زاهدان: نصيحتي أن يستمع المسؤولون كلمة الشعب. هؤلاء الشعب هم أولياء الوطن، وأباؤهم هم الذين صنعوا ثورة 1979. قلما تجدون مثل هذا الشعب من حيث الثقافة القديمة والأخلاق والسلوك. إن النساء والشباب والأكاديميين الإيرانيين هم من الشعب الإيراني وعلى الحكومة أن تخدم هؤلاء الشعب. أنتم مسؤولون عن خدمة هؤلاء الشعب، وإنه لشرف كبير خدمة هؤلاء الشعب.


لا تحملوا الأعداء قصوركم وضعفكم
وأضاف فضيلته قائلا: إذا كان هؤلاء الشعب يحتجون، فذلك بسبب ضعفكم. لا تلقوا كل هذا على كاهل الأعداء. العدو عمله هو الاستفزاز. يجب أن نرى نقاط ضعفنا، وما فشلنا في خدمة الشعب وحل مشكلاتهم. هؤلاء الشعب الذين يصرخون اليوم ليس بسبب استفزاز الأجانب، ولكن بسبب مشكلاتهم. نحن نعيش بين الناس ونعرف أوضاعهم.


أطلقوا سراح الصحفيين
وحول ادعاء البعض بأنه لو لم تكن هناك حرية لما استطعتَ التحدث بهذه الكلمات، صرح فضيلة الشيخ عبد الحميد قائلا: هناك من يقول لو لم تكن الحرية لما استطعت أن تتكلم بهذه الكلمات. أقول لا توجد حرية الأحزاب في إيران، ونعلم أن الأحزاب والمنظمات لا تتمتع بأي حرية. أين حرية القلم والتعبير؟ نرى رقابة شديدة. كم عدد الصحفيين في السجن الآن؟ لقد صدمتُ في ذلك اليوم عندما أغلق قاض في الدولة السابقة 12 صحيفة ليلاً بإصدار حكم واحد. في أي مكان من العالم يغلقون 12 صحيفة معًا؟ في أي مكان في العالم يحدون حرية القلم بهذا الشكل؟ نعم، هناك قيود في بلاد أخرى، لكني أتحدث عن الجمهوريات والدول الحرة. أنا لا أقارن مع الأنظمة الملوكية، ولكن مع العالم الحر والدول التي لديها أنظمة ديمقراطية.
وأضاف قائلا: أعتقد أن في عهد الخلفاء الراشدين كانت حريات لا نراها في الديمقراطيات اليوم، وأنا مستعد للمناقشة وإثبات هذا الأمر أن الديمقراطية لا تصل إلى مستوى الحرية التي جاء بها النبي صلى الله عليه وسلم. أقارن الجمهورية الإسلامية بعهد الخلفاء الراشدين وعهد سيدنا علي رضي الله عنه. يجب الإفراج عن هؤلاء السجناء السياسيين والتحدث معهم. يجب أن نصغي إلى كلماتهم الطيبة ونجيب على كلماتهم الخاطئة بالمنطق.


ينبغي للقوات المسلحة أن تموت من أجل الناس لا أن تقتلهم
وفي قسم آخر من خطبته، خاطب فضيلة الشيخ عبد الحميد القوات المسلحة، قائلا: أنتم أبناء هذا الشعب وهؤلاء النسوة أخواتكم وأمهاتكم. المرأة لها كرامة وعليكم معاملتها بلطف. الطلاب والأكاديميون هم أفضل طبقة في المجتمع وأمل للوطن، وعليكم معاملتهم معاملة حسنة واحترامهم. يجب سماع كلام الطلبة وأساتذة الجامعات والعلماء وكل فرد من أفراد الشعب.
وأضاف فضيلة الشيخ عبد الحميد قائلا: أنصح القوات المسلحة أن لا تقتلوا هؤلاء الشعب بالرصاص الحربي، فهؤلاء هم أعزاء هذا الوطن ويجب أن تموتوا من أجل هذا الشعب. سيكون شرفا للقوات المسلحة أن يُقتلوا من أجل أمن الحدود وسلامة الأراضي. دعوا الشعب يضربونكم، لكن اجتنبوا من ضرب الشعب. هذا شرف و كرامة لكم.
كما نصح فضيلة الشيخ عبد الحميد الشعب الإيراني المحتج قائلا: نصيحتي للمتظاهرين أن يجعلوا احتجاجهم سلميا، ويجتنبوا من تخريب المتاجر وإحراق البنوك والسيارات وضرب القوات المسلحة والاشتباك معهم، فالتظاهر السلمي هو حقكم.
وطالب فضيلة الشيخ عبد الحميد القضاء بعدم اعتبار المتظاهرين “محاربين”، وتابع مشيرًا إلى العهد الأول من تاريخ الإسلام: عندما طالب يهودي قرضا من النبي صلى الله عليه وسلم وشدد في مطالبته، رفع الصحابة أصواتهم، لكن النبي صلى الله عليه وسلم منعهم من ذلك، قائلا: لا يحق لكم أن ترفعوا صوتكم، لكن عليكم أن تنصحوني بإعطائي حقه، وأن تنصحوه بحسن الطلب. هذا هو سماع صوت الشعب. عندما ألقى سيدنا عمر رضي الله عنه خطبة في المسجد النبوي، ونهى النساء عن أخذ المهور الغالية، خالفته عجوز وقالت: ليس لك الحق في التدخل في مهر المرأة؟ المهر قابل للتفاوض. يمكنك أن تشجع، لكن ليس لديك الحق في إعطاء الأوامر في الخطبة. فسكت عمر رضي الله عنه، لأنهم كانوا خاضعين أمام كلمة الشعب، ولم يأمر بإلقاء القبض على العجوز، ولم يقل من أين جاءت هذه؟


يجب أن يكون العلماء دائما مع الشعب
وقال خطيب أهل السنة مخاطبا السلطات: أتحدث عن نصح وليست لدي أي نية، اسمعوا ماذا يريد الشعب الإيراني وما هي مشكلاتهم؟
وأضاف فضيلته: اليوم يحكم العلماء البلاد. العلماء كانوا مع الشعوب عبر التاريخ، وليست لدينا طريقة أخرى غير طريق الشعب. لقد كان علماء الشيعة والسنة مع الشعب ويجب أن يكونوا دائمًا مع الشعب ويتعاطفوا معهم. نأمل أن يكون أمامنا مستقبل جيد.
وقال فضيلة الشيخ عبد الحميد: إذا حكمنا مائة عام فما قيمة تلك الحكومة؟ قيمة الحكومة في تحقيق العدل والالتزام بالأخلاق والصدق والأمانة وخدمة الشعب. يا ليته حكم شخص ما لمدة 10 سنوات بدلا من الحكم لمدة 100 عام، ولكن كان الحكم جيدا وكان قدوة للعالم. إذا لم تكن هناك مرضاة من الله والشعب، فما قيمة الحكومة؟ أقسم بالله أن هذا الأمر لا يجدر. إن أي حاكم وأي نظام إسلامي أو غير إسلامي، هو نوع من التمثيل من الله لنشر العدل والحريات المشروعة. مالك العالم كله هو الله، وهذه الحكومات الصغيرة والكبيرة وكالات لخدمة الخلق ونشر العدل والإنصاف، وإن الله تعالى يقول لحبيبه محمد النبي صلى الله عليه وسلم أن يجلس مع الفقراء والمحتاجين والضعفاء. مثل هذه الحكومة لها قيمة وكرامة، وإذا كان الناس غير سعداء، فمهما كانت الحكومة، فلا قيمة لها.
وفي النهاية نصح فضيلة الشيخ عبد الحميد المصلين في زاهدان بمراعاة الأمن بأنفسهم، وقال: لقد طُلبنا من الشرطة البقاء في مقراتهم لأن الشعب سيقومون بمراعاة الأمن بأنفسهم. الأمن هنا يعود لأهل زاهدان وعلينا أن نعتني به بأنفسنا. نصيحتنا هي أنه لا ينبغي لأحد أن يرمي الحجارة أو يكسر الزجاج، وهذه الأمور غير جائزة شرعا. إذا كان لدى أحد ما اعتراض أو احتجاج، فعليه الاحتجاج دون الإضرار بالممتلكات العامة والخاصة.


كان رسول الله صلى الله عليه وسلم، وحكومته “رحمة” للناس
واعتبر فضيلة الشيخ عبد الحميد في قسم آخر من خطبته، قيادة الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم في السنوات العشر في المدينة المنورة، وعهد الخلافة الراشدة، بـ “العصر الذهبي”، مشيرا إلى أن “الشعبية” و”عدم التمييز” و”الابتعاد من ادخارالثروة” كان من أبرز خصائص هذه الحقبة.
وقال فضيلته بعد تلاوة آية «لَقَدْ مَنَّ اللَّهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولًا مِنْ أَنْفُسِهِمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ»: لقد منّ الله تعالى على جميع المؤمنين بإرسال نبي من جيلهم على دراية بجميع آلام البشر وحاجاتهم وضروراتهم، هذه هي نعمة الله وإحسانه.
واعتبر خطيب أهل السنة “تلاوة القرآن” و”التزكية” و”تعليم الكتاب والحكمة” من أهمّ رسالات الرسول صلى الله عليه وسلم وتابع قائلا: من واجبات الرسول ورسالاته صلى الله عليه وسلم قراءة الآيات الإلهية. إن آيات القرآن معجزة وبناءة ومؤثرة تحول الإنسان وتوصله إلى الصلاح. عند تلاوة القرآن تنزل رحمة الله تعالى ويشعر الإنسان بالهدوء والسكينة. والواجب الثاني للنبي هو تطهير الناس من المعتقدات الفاسدة والأخلاق السيئة. الأخلاق مهمة جدا لبناء الذات والمجتمع. إذا لم يتم بناء المجتمع، فلا يعاني الأفراد فحسب، بل سيعاني الجميع. بعد تلاوة القرآن وتربية الناس، فإن من أهم واجبات الرسول تعليم الناس الحكمة والسنة، والتي هي العلم مع العمل والمعرفة الصحيحة. لقد بنى الأنبياء عليهم السلام الناس من حيث الإيمان والأخلاق والأفعال، كما عملوا بجد لبناء دنياهم.
وتابع فضيلته قائلا: للأنبياء عليهم السلام دور مؤثر جدا في بناء عالم الناس، وخلق الصناعة والحرف المناسبة والمهن. كان نوح عليه السلام أول من صنع السفينة التي هي من بركات الله العظيمة، بالوحي. أول من بدأ الخياطة كان إدريس عليه السلام، وأول من صنع الدروع والملابس الحربية هو داود عليه السلام. خاتم النبيين صلى الله عليه وسلم لم يساعد ولم يطعم الجياع فحسب، بل علمهم الحرف والمهن ووضع أمامهم التجارة المشروعة. لقد منع المسلمين بصراحة من التسول، وشجعهم على العمل والقيام بالأعمال التجارية حتى يتمكنوا من تناول الطعام الحلال و لا يكونوا عاطلين.
وأضاف خطيب أهل السنة في زاهدان قائلا: لم يرد رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يعيش ملكًا ومثل حكام العالم. نام هو وأطفاله وهم جائعون، لكنه أطعم الجياع. لقد عملوا بأنفسهم بقليل من العيش وأعطوا الفائض للمحتاجين. يوم رحل عن هذه الدنيا ورّث بغلا وسيفا وشيئا قليلا لا يمكن تقسيمه، وقال إن ما تركته صدقة وهو للناس. عاش الأنبياء لله وللناس وتركوا إرثهم للناس. لم يفكروا في رفاهيتهم وثروتهم. كان الأنبياء بشرًا وكانوا يعيشون مثل الطبقة العادية من الشعب.
وتابع فضيلته قائلا: لقد حكم النبي صلى الله عليه وسلم عشر سنين، وكانت هذه السنوات العشر عصرًا ذهبيًا، حقبة لم يشهد العالم فيها حكومة كهذه من قبل، ولن يرى حكومة مثل هذه بعد ذلك. كان الرسول صلى الله عليه وسلم وحكومته رحمة على الناس. لقد كوّن صحابَتَه من حيث الإيمان والتعايش وحسن الجوار. لقد احترم حقوق الناس وعلم الصحابة احترام حقوق الوالدين والزوجة والأطفال والجيران وجميع البشر.
وصرّح مدير جامعة دار العلوم زاهدان قائلا: لم يكن هناك تمييز في العصر الذهبي من حكم الرسول، وكان سلمان الفارسي الذي لم تكن له أقارب في المدينة المنورة، لم يشعر قط بالغربة هناك، لأن الرسول الكريم ضمه إلى أهل البيت. إن رسول الله صلى الله عليه وسلم حقق العدل والمساواة ووضع يده على رؤوس العبيد والإماء وكل الطبقة الضعيفة.
وأشار خطيب أهل السنة في زاهدان قائلا: لما رأى أهل مصر الصدق والأمانة وتقوى الله والكفاءة في يوسف عليه السلام، عهدوا إليه بخزائن البلاد وشؤونها المالية. عزز سيدنا يوسف الزراعة في السنوات السبع بالاستفادة من نهر النيل، واستطاع من خلال توزيع ما يكفي من القمح بين الناس والحفاظ على الفائض في سنوات المجاعة، أن يحكم مصر بطريقة شبع أهل مصر في المجاعة الشديدة، وكان يجئ الناس من مناطق بعيدة أيضا فيعطيهم طعامهم وقمحهم. كانت أخلاقه وأمانته معروفتان، ولما مات يوسف عليه السلام، قال الناس يا ليتهم قدروه أكثر!
واستطرد فضيلته قائلا: استمر عهد الخلفاء المستقيمين على مبادئ وسياسات الرسول، فكان الحاكم يجلس مع الشعب ويستمع لهم، وكان الخلفاء الراشدين أناسا متدينين ومتعهدين، وكانوا يحكمون لله تعالى لا لمنافعهم وعائلاتهم وأولادهم وأقاربهم، لذلك استغرب العالم عدالتهم وحريتهم وأخلاقهم وصدقهم.

400 مشاهدات

تم النشر في: 12 نوفمبر, 2022


جميع الحقوق محفوظة لموقع فضيلة الشيخ عبدالحميد إسماعيل زهي Copyright ©