header

اعتبر فضيلة الشيخ عبدالحميد، إمام وخطيب أهل السنة في مدینة زاهدان، في خطبة الجمعة (10 ربيع الأول 1441)، بعثة النبي صلى الله عليه وسلم من أعظم الحوادث المباركة في العالم، مؤكدا أن إصلاح العقائد، والتعامل، والأخلاق، وتطبيق العدالة، والوحدة، والأخوة، والتضحیة، كانت من أهم إنجازات بعثته صلى الله عليه وسلم.
تطرق فضيلة الشيخ عبدالحميد بعد تلاوة آية “وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين” أن شهر الربيع الأول، وهو شهر مولد رسول الله صلى الله عليه وسلم،
فمولد رسول الله صلى الله عليه وسلم كان في الحقيقة رحمة ونورا وخيرا وهداية للعالمين. ولد رسول الله صلى الله عليه وسلم والعالم كان مليئا بالظلمات، وكان يموج فيه الفساد والضلالة، والمعصية، والظلم، والإجحاف، والتكبر، وعبادة المخلوق. انهار العالم وانحط باعتبار العقیدة والتعامل، والأخلاق والتعايش، وصارت الكعبة مظهرا لعبادة الأصنام تضم في جنباتها ٣٦٠ صنما، وامتلأت مكة التي كانت مظهرا لعبادة الله من الفساد والبلطجة والاستقواء. في هذه الظروف الرهيبة، ولد آخر نبي الله الذي كان رحمة للعالمين، وكان جميع الأديان السماوية في انتظار بعثته.
أكد فضلية الشيخ: تحققت بمولد النبي صلى الله عليه وسلم، الوعود التي أخبر عنها الكتب السماوية. وكان مولد النبي صلى الله عليه وسلم، مظهرا كبيرا من رحمة الله على أهل هذه الأرض، فمولد النبي صلى الله عليه وسلم وبعثته وهجرته كلها كان حادثا عظيما ومباركا وكان رحمة للعالمين.
جاء النبي صلى الله عليه وسلم إلى العالم بإنجازة كبيرة، وجاء بعقيدة التوحيد الحقة، ودعا إلى وحدانية الله التي كانت من أهم ركائز دعوة الأنبياء السابقين.
وأضاف مدير جامعة دارالعلوم بزاهدان: إن الاعتقاد الصحيح، هو أعظم محور، وهو الأصل والأساس. مادام كانت في العقيدة مشلكة، لا يقبل أي عمل سواها. ومن لم يكن على عقيدة التوحيد، سيحصل على أجر أعماله التي يقوم بها، في هذه الدنيا، ولكن في الآخرة لا أجر له ولا مثوبة.
إصلاح العقيدة والتعامل والأخلاق كانت من أهم مسؤوليات الأنبياء.
دعا النبي صلى الله عليه وسلم الناس بأمر الله إلى أمثل أحكام، وأكمل مشروع العقيدة والتعايش والتعامل ومحاسن الأخلاق، وأسّس في هذا العالم، أفضل طريقة للعشرة ورعاية حقوق الناس.


الإسلام له برنامج وتخطيط لجميع شؤون وأمور البشر
عد خطيب الجمعة لأهل السنة بمدينة زاهدان “التعايش السلمي مع جميع الناس” مما أمر به الإسلام وأضاف قائلا: إن التعايش السلمي مع جميع الناس من أوامر الإسلام والحضارة الإسلامية، وأن نحترمهم ونقدرهم، وأن نكون سبب خير ورحمة للجميع.
إن الإسلام يعلمنا تطبيق العدالة، والإحسان، والتعايش السلمي مع غيرالمسلمين. لقد أكدت الحضارة الإسلامية على المداراة والمواساة والتعاطف والمشاركة والمشاطرة في أتراح الناس وأفراحهم سواء كانوا مسلمين أو غير مسلمين.
واستطرد فضيلة الشيخ قائلا: إن الإسلام دين واسع، وإنه دين لم يخص بزمن من الأزمان ولا بمنطقة أو إقليم من الأقاليم، بل الإسلام جاء لإرشاد جميع الأقاليم والشعوب والملل إلى يوم القيامة، وإنه يبرمج ويخطط لجميع الشؤون والمسائل البشرية، سواء كانت سياسية، أو اقتصادية، أو ثقافية، أو فردية، أو اجتماعية.
وتابع فضيلة الشيخ عبد الحميد قائلا: إن رحمة النبي صلى الله عليه وسلم ونزول دين الإسلام يشمل جميع العالمين، ويستفيد الجميع من هذه الرحمة، لا يستفيد منها المسلمون فحسب بل إن غير المسلمون أيضا يستفيدون من هذه الرحمة، كما وُضع أساس كثير من الحضارات على مبنى تعاليم الإسلام والقرآن المجيد، ولكن يا ليت العالمين قبلوا هذا الدين واعتنقوه، وطبقوه كاملا في جميع حياتهم وشؤونهم.
إن العالم في استمراره وبقاءه يحتاج إلى ثقافة الإسلام وتعاليمه.


أحيا النبي صلى الله عليه وسلم في المجتمع صلة الرحم والأخوة والعدالة
وأشار فضيلة الشيخ عبدالحميد فی خطبته إلى ظروف العالم في زمن مولد النبي صلى الله عليه وسلم وقال: كان في زمن ولادة رسول الله صلى الله عليه وسلم، يموج في تلك البيئة التفرق، والنزاع، والحرب، والفتنة، والقتال، وسوء الخلق، وكان الجبارون وأصحاب القوة والمنعة يظلمون الضعفاء، ويبتزون حقوقهم، وكانت الإمبراطوريتان العظيمتان (إيران والروم) آنذاك، تحاربان وتتنازعان، ولكن النبي صلى الله عليه وسلم ببعثته أنهى هذه الحروب الخلافات والنزاعات.
وأردف: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم استطاع أن ينشئ ويوجد بين قبيلتي الأوس والخزرج التين كانت بينهم خلافات وحروب قبلية أكثر من ١٢٠ عاما، محبة وإخاء لا يوجد في العالم نظيره.
وتابع الشيخ قائلا: أوجد النبي صلى الله عليه وسلم في المجتمع ببعثته العدالة، وصلة الرحم، والمحبة، والأخوة الإسلامية والوطنية والإنسانية، وأبرمها بين الناس وأحكمها.
أنشأ رسول الله صلى الله عليه وسلم في الصحابة روح الإيثار والتضحية والفداء، تضحية وفداء لا يوجد لهما في العالم نظير ومثيل، حتى إن الصحابة كانوا يؤثرون على أنفسهم في ساحات الحرب وفي أوان الموت.
عدّ خطيب أهل السنة والجماعة بزاهدان، “العدالة” من إنجازات رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقال: من أهم أسس المحبة الدينية والإيمانية التي وضعها رسول الله صلى الله عليه وسلم بين الناس، هو تطبيق العدالة بينهم؛ فإن تطبيق العدالة والاهتمام بالناس سواء، سببٌ في تحكيم الأخوة والوحدة.
وأضاف فضيلة الشيخ قائلا: صار جميع الأقوام والقبائل حتى العبيد والإماء بالدخول في الإسلام أعزاء، وكانوا عند النبي صلى الله عليه وسلم سواء، ولا يرحج بعضهم على بعض، حتى إنه صلى الله عليه وسلم قال لكبار الصحابة أن يتبعوا أسامة الذي كان ابن عبد وكان شابا، ولكن كانت له جدارة ولياقة. فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يراعي العدالة والإنصاف، وهذا كان سببا في استحكام الأخوّة وتقويتها.
واستطرد: اليوم أيضا تحتاج البشرية إلى توحيد الصفوف والوحدة، فإن الإسلام دين السلام والتصالح، والمحبة والكرامة، فإنه لجميع الناس، وإنه يدعو الجميع إلى الوحدة والاتحاد.
وتابع فضیلته قائلا: إن الإسلام فرض وشرع الجهاد مع الذين يتكبرون ویعاندون ویتشددون، ولا یعرفون منطق التفاوض والحوار، ولا یبالون بحقوق سائر الناس. فإن الجهاد يؤثر كثيرا في مقاومة المحتلين والمتجاوزين. وأما الذين يريدون أن يعيشوا في سلم وليسوا خطرا على الناس، ولا يريدون ظلما ولا التعدي في حقوق سائر الناس، أمر الإسلام بأن نحسن إليهم ونتعايش معهم سليما، لأجل هذا، جميع الناس لا سيما المسلمون الذين أمرهم ربهم بتوحيد الصفوف والوحدة، في أشد حاجة إلى الوحدة والسلام.
وواصل فضيلة الشيخ كلامه، قائلا: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم جاء بأخلاق وعدالة منقطعي النظير في العالم اليوم. وإنه عليه السلام تحمل جميع المشاق وسعى واجتهد أن يعيش الناس في رفاه وطمأنينة.
وتابع: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم في تطبيق العدالة كان لا يراعي قومه وأقاربه وأهل بيته، وكانوا يقعون بتطبيقه العدالة في المشلكة. في فك أسرى بدر، كما أنه أخذ الفداء من الآخرين، أمر أن يؤخذ من أقاربه أيضا ولم ینقص من فداهم حتى ولو كان درهما واحدا؛ فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقدّم في المشكلات والصعاب والمواقف الحرجة أقاربه؛ في غزوة بدر أمر عليا وحمزة وأبا عبيدة الذين كانوا من أقاربه أن يبارزوا مع الأبطال وشجعان مكة المشركين.
أضاف الشيخ: عندما جاءت فاطمة وكانت تعاني من الإصابة في يديها لأجل كثرة الأعمال المنزلية، وطلبت من النبي صلى الله عليه وسلم أن يعطيها من أموال الغنيمة أمة أو خادما، قال النبي صلى الله عليه وسلم لها: فإن العائلات التي قتل منها من يعولها بأمس الحاجة إلى هذا المال؛ لهذا علمها النبي صلى الله عليه وسلم بعض الأوراد والأذكار وخاطبها قائلا: إن كنت تريدين أن يسهل عليك تعب ومشقة الأعمال البيتة، فقولي قبل النوم: ٣٣ مرة “سبحان الله” و٣٣ مرة ” الحمدلله” و٣٤ مرة ” الله أكبر”.
قال فضيلة الشيخ: إن سيرة رسول الله صلى الله عليه وسلم أثرت على الصحابة تأثيرا عجيبا، فشغفوا بها حيث إن الصحابة كانوا يضحون بأموالهم وأنفسهم لرسول الله صلى الله عليه وسلم.
طبق النبي صلى الله عليه وسلم العدالة حيث لم يمیز بین العبید والإماء، وبين رؤساء مكة وأعيان الصحابة، بل كان ينظر إليهم نظرة متساوية.
وقال خطيب أهل السنة في نهاية خطبته: نرجو أن نجعل نحن المسلمون سيرة رسول الله صلى الله عليه وسلم أسوة وقدوة لنا، ونتمسك بسيرته وسنته، ونكون أمة واحدة، ونراعي حقوقنا، ويحترم بعضنا البعض، ويحترم كل واحد منا شعائر ومقدسات الآخرين.

1168 مشاهدات

تم النشر في: 10 نوفمبر, 2019


جميع الحقوق محفوظة لموقع فضيلة الشيخ عبدالحميد إسماعيل زهي Copyright ©