header

قال فضيلة الشيخ عبد الحميد، إمام وخطيب أهل السنة في مدينة زاهدان، إن القوى الزاعمة لمكافحة الإرهاب التي يعتبرها بعض البسطاء منقذة ومنجية لهم، تسببت كثيرا من مشكلات المسلمين وصارت العامل الرئيسي لكثير من أزماتهم في العالم.

وقال فضليته في خطبته يوم الجمعة (9 ذو القعدة 1435) بعد تلاوة آية “إنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ كَانَتْ لَهُمْ جَنَّاتُ الْفِرْدَوْسِ نُزُلًا*خَالِدِينَ فِيهَا لَا يَبْغُونَ عَنْهَا حِوَلًا”: يكثر في عصرنا الكلام من التطور والرقي؛ الناس يتكلمون عن تطورات الشعوب والبلاد. عصرنا عصر الحضارة و التقنيات الحديثة المعقدة، والأمم أيضا فرحون على الإمكانات التي عندهم، لكن من المؤسف أن كافة تقدمات البشر تنحصر في التطورات الظاهرية والإمكانات المادية، ولا اهتمام للناس إلى الأخلاق والمعنويات. مع الأسف تخلف البشر في الأخلاق والإنسانية، وضعف الاعتقاد والإيمان بالله تعالى في البشر؛ هموم البشر وغمومهم تنحصر في العمران والتطورات الظاهرة، وليست لهم مساعي لإصلاح الباطن.
وأشار فضيلته إلى انحطاط المسلمين في الإيمان والأخلاق في العصر الحاضر قائلا: الأمة المسلمة التي تعتقد بالإسلام ويرونه الدين الأفضل لله تعالى، لا يهتمون إلى تعاليم الرب تبارك وتعالى وتوجيهات الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم. نحن نهتم إلى تجميل ملابسنا ومنازلنا وأثاث البيت، لكننا لا نفكر في الأخلاق والأعمال الحسنة. يزعم البشر في عصرنا أنه فتح الدنيا وفتح الأبواب المقفلة ووصل إلى التطور الكامل، لكنه لا يعلم أنه تخلف في الحقيقة وابتلي بجاهلية أشد وأسوء من جاهلية قبل الإسلام. في تلك الجاهلية لم يكن البشر يملك آلات وأسباب مهلكة وفتاكة مثل ما يملكه في عصرنا. في عصرنا صنع البشر آلات وأسباب متطورة وراقية يرسلها للحرب والتخريب والتدمير وإهلاك البشر دون أن يدخل بنفسه الميدان. اليوم عصر القنوات الفضائية والصواريخ وطائرات بدون طيار ومقاتلات مختلفة، وكل هذه الوسائل تهديدات للمجتمع الإنساني والبيئة.
واعتبر خطيب أهل السنة في زاهدان “الخيانة والنفاق” من أبرز خصائص السياسة في العالم المعاصر قائلا: القوى العظمى في عصرنا تفكر في استعمار الشعوب الضعيفة والسيطرة عليهم، ودعاويهم تتناقض مع أعمالهم؛ وما في نواياهم تختلف عما في أفواههم من الشعارات الرنانة. النفاق انتشر بشكل عام في العالم؛ الديانة والصداقة طويتا في العالم المعاصر، وسمى البشر النفاق والكذب سياسة. من المؤسف جدا أن نفوس الناس أصبحت رخيصة وكثر القتل وإراقة الدماء بشكل مذهل. الناس يقتلون دون أي سبب.
وأضاف فضيلة الشيخ عبد الحميد معتبرا القوى المدعية لمكافحة الإرهاب “سببا لكثير من مشكلات المسلمين”، قائلا: القوى الكبرى العالمية تزحف كل مرة على دولة بحجة مكافحة الإرهاب، ويعتبرهم بعض البسطاء منقذين ومنجين لهم، مع أنهم العامل الأصلي لكثير من مشكلات المسلمين ومسائلهم في العالم. هذه القوى لها أفكار وطبيعة استعمارية واستكبارية. إنهم إن كافحوا مع فساد، أنشأوا مجموعة من المفاسد الأخرى. أينما وضعت أقدامهم ابتليت تلك المنطقة بالأزمات العديدة. هجوم القوى الغربية على أفغانستان والعراق لم يكن لها نتيجة إلا تأزيم أوضاع هذين البلدين.
وتابع فضيلته: باكستان كان بلدا آمنا، ولكن أين وصل الآن؟ منذ سنوات وسوريا سقطت في حرب يتساقط الأبرياء وهم من الشعب السوري. فلسطين محتلة من قبل الصهاينة لسنوات، وهذا الاحتلال والتعديات مستمرة والفلسطينيون يتعرضون للتعذيب والأذى يوميا.
وأكد خطيب أهل السنة قائلا: الدول الغربية تريد مكافحة الإرهاب من خلال القتل والمجازر والتطرف، مع أن طريق حل المشكلات ليس التطرف والقتل. يجب معالجة الإرهاب بالتدبير والعقل. جراحات الشعوب المسلمة وخاصة الشعب الفلسطيني يجب أن تلتئم. القوى العظمى ما لم تجد حلا مناسبا مع التدبير وبعد النظر لمعالجة الإرهاب، لا تقدر استئصال الإرهاب.
وقال فضيلة الشيخ عبد الحميد في نهاية الخطبة: مكافحة المعلول خطأ، بل يجب مكافحة علة كافة الأزمات الأمنية في العالم. الحرب والتطرف والمجازر تجر حروبا ومجازر أخرى. الطريق والحل للقضايا الأمنية ليست الحرب، بل سعة النظر والدراية والتدبير ودراسة جذور المسائل الأمنية.

2009 مشاهدات

تم النشر في: 7 سبتمبر, 2014


جميع الحقوق محفوظة لموقع فضيلة الشيخ عبدالحميد إسماعيل زهي Copyright ©