header

بدأ فضيلة الشيخ عبد الحميد إمام وخطيب أهل السنة خطبة هذه الجمعة بتلاوة قول الله تعالى”فَمَا أُوتِيتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَمَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَمَا عِنْدَ اللَّهِ خَيْرٌ وَأَبْقَى لِلَّذِينَ آَمَنُوا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ  وَالَّذِينَ يَجْتَنِبُونَ كَبَائِرَ الْإِثْمِ وَالْفَوَاحِشَ وَإِذَا مَا غَضِبُوا هُمْ يَغْفِرُونَ وَالَّذِينَ اسْتَجَابُوا لِرَبِّهِمْ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَأَمْرُهُمْ شُورَى بَيْنَهُمْ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ” مشيرا إلى انحطاط الأمة الإسلامية في الناحية الأخلاقية، واعتبرفضيلته المكارم الأخلاقية من عوامل انتصار الأمة الإسلامية في العهد الأول، قائلا: لو بحثنا الأوضاع الراهنة والظروف الحالية للأمة الإسلامية، نرى أن الأمة الإسلامية تعرض لانحطاط في الأخلاق والاعتقاد. عندما ننظر إلى حياة رسول الله صلى الله عليه وسلم، والخلفاء الراشدين، وعامة الصحابة والتابعين والمسلمين في القرون المفضلة الأولى ونطالع سيرة هؤلاء الأكابر ونقارنها بحياتنا، نرى أن الفرق شاسع بين حياتنا وحياتهم.

وتابع خطيب أهل السنة قائلا: من الصفات التي ذكرها القرآن الكريم للمسلمين خاصة هي صفة التوكل. المسلم أو المؤمن لا يتوكل على الأسباب أبدا، بل يتوكل على خالق الأسباب، لكننا اليوم نرى كيف ضعف توكل المسلمين على وعد الله تعالى وصار توكل المسلمين على الأسباب الظاهرة وعلى المال والمادة، مع أن قدرة الله تعالى فوق الأسباب، ويلبي نداء عباده ودعواتهم.
إن الله تعالى لا يخلف ميعاده ويحقق وعده لعباده.  “وَتَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ صِدْقًا وَعَدْلًا لَا مُبَدِّلَ لِكَلِمَاتِهِ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ”، ولا قدرة تمنع تحقيق وعد الله تبارك وتعالى. لو اجتمعت الجن والإنس على أن ينفعوا أحدا بشيء أو يضروه بشيء، لا ينفعونه ولا يضرونه إلا بما كتب الله تعالى له أو عليه.
وأشار فضيلة الشيخ عبد الحميد إلى غزوة الأحزاب ومعاناة الصحابة أنواع المشكلات في تلك الغزوة قائلا: الصحابة تعرضوا في الأحزاب للهجوم من جهات مختلفة ومن طوائف مختلفة، واستقاموا في مواجهة تلك المشكلات بشجاعة نادرة وشهامة غريبة. وفي تلك اللحظة الحاسمة وأثناء تلك المشكلات جاءت بشرى من عند الله تبارك وتعالى بفتح إيران والروم الإمبراطوريتين العظيمتين في ذلك العصر، واستهزأ المنافقون بهذه البشرى وسخروا منها، لكن الله تعالى أنزل في جواب المنافقين هذه الآية: “قُلِ اللَّهُمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ مَنْ تَشَاءُ وَتَنْزِعُ الْمُلْكَ مِمَّنْ تَشَاءُ وَتُعِزُّ مَنْ تَشَاءُ وَتُذِلُّ مَنْ تَشَاءُ بِيَدِكَ الْخَيْرُ إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ”.
وأضاف فضيلة الشيخ عبد الحميد قائلا: كل شيء بيد الله تعالى، وهو الذي يذل ويعز.  من كان يتصور أن تحدث ثورات تطيح بأنظمة وملوك في الشرق الأوسط، وأن يواجه رؤساء الأنظمة الذين أتوا إلى الحكم بانقلابات عسكرية أو انتخابات مزورة هذه المشكلات والأزمات؟ فإنهم أيضا لم يكونوا يتصورون بهذه التطورات، بل خلقوا بيئة في بلادهم تمنع وصول أي شخص آخر إلى سدة الحكم، ولكن الله تعالى هو الذي يعز ويذل. إن الله هو الذي أهلك فرعون بالغرق ونجى موسى عليه الصلاة والسلام.
وتابع فضيلة الشيخ عبد الحميد: إن القرآن الكريم والتاريخ وحياة البشر خير شواهد على أن الحق سينتصر على الباطل، والعدل على الظلم، ومكارم الأخلاق على المفاسد الأخلاقية، والنور على الظلمات. لكن المشكلة أن المسلمين تعرضوا للانحطاط في ناحيتي الأخلاق والعمل. المسلم الحقيقي يتوكل على الله تعالى في جميع أحواله، ويعمل بتعاليمه وأحكامه، ولا يسخط الله تعالى أبدا، وإن فقد نفسه ونفيسه في سبيل ذلك. يصف القرآن الكريم المؤمنين الصادقين بأنهم إذا ذكر الله تعالى وجلت قلوبهم وإذا تليت عليهم آياته زادتهم إيمانا، ويتوكلون على الله تعالى فقط. “إنما المؤمنون الذين إذا ذكر الله وجلت قلوبهم وإذا تليت عليهم آياته زادتهم إيمان وعلى ربهم يتوكلون”.

الذين يرتكبون المجازر بحق الأطفال والنساء، هم أناس جبناء
ووصف خطيب أهل السنة الذين يرتكبون المجازر بحق المدنيين الأبرياء بـ “الجبناء”، قائلا: الذين يقيمون المجازر بحق الناس بحيث لا يرحمون الأطفال والنساء والعجائز، ويرتكبون جرائم يهتز من مشاهدتها قلب كل  إنسان حر، هم أناس جبناء منحطون، سيبتليهم الله تعالى بعذابه. هؤلاء سقطوا من الناحية الاعتقادية والأخلاقية وحتى الإنسانية. مع أن الإسلام في المعركة الدائرة بين المسلمين والكفار، وفي الجهاد، لم يسمح بقتل الأبرياء من النسوة والأطفال والشيوخ والعجائز.
وأشار فضيلة الشيخ عبد الحميد إلى الجريمة البشعة التي ارتكبها القوات الأمريكية في أفغانستان قائلا: ما نشاهد أن الجنود الأمريكيين يقتلون بشكل همجي النسوة والاطفال والصبيان، أو يحرقون المصحف، كل ذلك دليل على الخوف الموجود من القرآن الكريم والأمة المسلمة في قلوبهم، فإنهم وصلوا إلى طريق مسدود وإنما يرتكبون هذه المجازر خوفا على أنفسهم.

الاختطاف ظاهرة سيئة وعلامة الانهيار الخلقي

وأشار خطيب أهل السنة في نهاية خطبة هذه الجمعة إلى ظاهر ة اختطاف الأشخاص لأجل تسديد الديون، معتبرا إياها من نماذج الانهيار الخلقي في المجتمع، قائلا: اختطاف الأشخاص لتسديد الديون ظاهرة سيئة، والذي يقوم باختطاف الأشخاص لأجل تسديد ديونه ويربط رجلي الشخص المختطف ويديه، هو إنسان ساقط من الناحية الأخلاقية.
لاشك أن المطالبة بالدين ليست سيئة وعلى المديون أن يؤدي دينه، ولكن أخذ العجائز والأطفال الأبرياء الذين لم يرتكبوا جريمة أو أخذ المديون نفسه كرهائن لتسديد الديون جريمة ومعصية كبيرة، وعلى الذين يقومون بمثل هذه الأعمال أن يتوبوا منها.

1943 مشاهدات

تم النشر في: 18 مارس, 2012


جميع الحقوق محفوظة لموقع فضيلة الشيخ عبدالحميد إسماعيل زهي Copyright ©