header

تطرق فضيلة الشيخ عبد الحميد إمام وخطيب أهل السنة في زاهدان، في خطبته يوم الجمعة  بعد تلاوة آية «وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُم فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُم مِّن بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا وَمَن كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ»، إلى بيان بعض المناسبات التاريخية في شهر ذي الحجة، واعتبر حجة الوداع واستشهاد سيدنا عثمان بن عفان رضي الله عنه وسيدنا عمر رضي الله عنه من أهم الوقائع في هذ الشهر.
وأضاف فضيلته قائلا: أيام ذي الحجة، أيام تاريخية وحاسمة في تاريخ الإسلام. في هذا الشهر كان آخرحج رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم توفي صلى الله عليه وسلم بعد مرور 81 يوما من حجة الوداع. وفي 27 من ذي الحجة أصيب سيدنا عمر رضي الله تعالى عنه في المحراب و استشهد بعد ثلاثة أيام.
وتابع خطيب أهل السنة مشيرا إلى فضائل الصحابة، خاصة مناقب سيدنا عمر وعثمان رضي الله عنهما، قائلا: لو فكرنا بطريقة صحيحة نصل إلى هذه النتيحة أنه لا أحد أفضل  وأكمل وأقرب إلى الله، فوق الثرى وتحت الثريا، من رسول الله صلى الله عليه وسلم. فهو خاتم النبيين ورحمة للعالمين وإمام الأنبياء والرسل. وبعد الأنبياء لم تطلع الشمس على قوم  أفضل وأجدر من الصحابة رضي الله عنهم أجمعين. الصحابة ربّاهم النبي صلى الله عليه وسلم؛ والذين تربّوا على أستاذ كامل مثل الرسول صلى الله عليه وسلم، لن نجد أمثالهم في الأمم السابقة ولا اللاحقة.
واعتبر فضيلته ملازمة الصحابة ورؤيتهم لوجه الرسول منقبة خاصة لهم، قائلا: الصحابة كانوا يحضرون مجالس الرسول كل يوم، وكانوا يتمتعون برؤية جمال الرسول صلى الله عليه وسلم، ويتوجه النبي إليهم بالنصح والتزكية والتربية. لذلك وصلوا برؤية النبي وتربيته مكانة لا يصل الأجيال اللاحقة إليها بالأعمال. ولاشك أن الصحابة كانوا يملكون إيمانا قويا وحسنات لا تعد ولا تحصى، فضلا عن رؤيتهم جمال المصطفى عليه الصلاة والسلام.
واستطرد فضيلة الشيخ عبد الحميد، قائلا: الصحابة  رضي الله عنهم، كانوا من خاصة خلق الله تعالى وخيرته. ورد في الحديث الشريف “إِنَّ اللَّهَ نَظَرَ فِى قُلُوبِ الْعِبَادِ فَوَجَدَ قَلْبَ مُحَمَّدٍ -صلى الله عليه وسلم- خَيْرَ قُلُوبِ الْعِبَادِ فَاصْطَفَاهُ لِنَفْسِهِ فَابْتَعَثَهُ بِرِسَالَتِهِ ثُمَّ نَظَرَ فِى قُلُوبِ الْعِبَادِ بَعْدَ قَلْبِ مُحَمَّدٍ فَوَجَدَ قُلُوبَ أَصْحَابِهِ خَيْرَ قُلُوبِ الْعِبَادِ فَجَعَلَهُمْ وُزَرَاءَ نَبِيِّهِ يُقَاتِلُونَ عَلَى دِينِهِ”.
وأضاف فضيلته قائلا: لو أننا قارنّا حياة الصحابة وعبادتهم وتقواهم وجهادهم في سبيل الله تعالى وأدبهم في مجالس الرسول ونصرهم لدين الله ورسوله، نرى أنهم كانوا أناسا لا يصل الآخرون إلى مكانتهم وإن عبدوا الدهر.
وأشار خطيب أهل السنة أن الخلفاء الراشدين هم أفضل الصحابة، قائلا: الخلفاء الراشدون رجال عظام، ومن أخص صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وإن صفحات حياتهم في عهد الرسول قبل الهجرة وبعدها، وكذلك بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم، وفي عهد خلافتهم، تدل على مكانتهم السامية. عصر خلافة الراشد ة كان عصرا ذهبيا وممتازا لا يستيطع المجتمع البشري أن يعيد مثل تلك العصور.
وتطرق فضيلته إلى مناقب سيدنا عمر رضي الله عنه قائلا: سيدنا عمر رضي الله عنه كان شخصية يرتدي دائما ملابس عليها  الكثير من الرقع، وقد هزم الله على يديه أمبراطوريتين عظيمتين، كانتا تمتلكان جيشين قويين وآلات حربية كثيرة، ونجى عمر شعوب هاتين الإمبراطوريتين من الشرك وعبادة غير الله تعالى والحكام المستبدين.
لم يكن للمال والماديات مكانة أمام عمر رضي الله عنه في عهده كله، ولكن كان همّه معيشة الرعية، بحيث قرر منحا لكافة أهل المدينة صغيرهم وكبيرهم من بيت مال المسلمين.
وكان يتجول ليلا في زمن خلافته باللباس المبدل في المدينة ويتفقد مشكلات الناس من القريب ويحلها، وكانت لديه حساسية كبيرة بالنسبة إلى حقوق الرعايا، وكان يقول دائما: “لو مات كلب ضياعا على شط الفرات لخشيت أن يسألني الله عنه”.
وأشار فضيلة الشيخ عبد الحميد في النهاية إلى الحرية في عهد عمر رضي الله عنه قائلا: كان عمر دائما يطلب من الناس أن يذكروه بعيوبه، وصعد المنبر وقال: من رأى منكم فيّ اعوجاجا فليقومه، فقام له رجل وقال: والله لو رأينا فيك اعوجاجاً لقومناه بسيوفنا، فقال عمر: الحمد لله الذي جعل في هذه الأمة من يقوم اعوجاج عمر بسيفه.
وخطب ذات يوم، فقال: لا تزيدوا في مهور النساء على أربعين أوقية، وإن كانت بنت ذي القصة -يعني يزيد بن الحصين- فمن زاد ألقيت الزيادة في بيت المال، فقالت امرأة معترضة على ذلك: ما ذاك لك قال: ولم؟ قالت: لأن الله تعالى قال: “وَآتَيْتُمْ إِحْدَاهُنَّ قِنطَارًا فَلاَ تَأْخُذُوا مِنْهُ شَيْئًا أَتَأْخُذُونَهُ بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُبِينًا”. فقال عمر: امرأة أصابت ورجل أخطأ.
وتابع فضيلته : إن سيدنا عمر رضي الله تعالى عنه وأمثاله وقفوا حياتهم في عبادة الله وخدمة خلق الله ونشر العدل والحق والإنصاف.
وأشار خطيب أهل السنة في النهاية إلى بعض مناقب سيدنا عثمان رضي الله عنه قائلا: كان عثمان شخصية عظيمة. لما توفيت زوجته الثانية وهي بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم قال رسول الله لو كانت عندي ثالثة لزوجتها عثمان.
وأضاف فضيلته قائلا: لقد بذل عثمان حياته لخدمة الإسلام، وحرر كافة البلاد التي يجري فيه الربيع العربي في شمال إفريقيا مثل ليبيا وغيرها من البلاد الإفريقية، وكذلك منطقة بلوشستان التي هي منطقتنا تعد من فتوحات سيدنا عثمان رضي الله تعالى عنه.

بعض المواقع والجرائد المدعومة من المراكز الخاصة، تهدف تشويه سمعة علماء وشخصيات أهل السنة

وفي الخطبة الثانية، انتقد فضيلة الشيخ عبد الحميد، بعض المواقع وكذلك جريدة حديثة الانتشار في محافظة سيستان وبلوشستان التي تستهدف تشويه سمعة العلماء والشخصيات الدينية لأهل السنة، بتوجيه التهم إليهم والافتراء عليهم.
وقال فضيلته: بعض المواقع وكذلك جريدة حديثة الانتشار، بدأت نشاطات تخريبية في المحافظة، ولاشك أن هذه المواقع وكذلك الجرائد والصحف تتعلق بمتطرفين طائفيين وقوميين.
وتابع فضيلته مشيرا إلى أن الهداف المنشود لهذه المواقع والصحف المتطرفة، هو تخريب رموز وشخصيات دينية معتدلة لأهل السنة: تتضح من مطالب هذه المواقع والصحف، أن الهدف الوحيد لتكوين ونشاطات هذه المواقع والصحف، هو تشويه سمعة العلماء والشخصيات المستقلة لأهل السنة، الذين يسيرون باعتدال ويكافحون الإفراط والتفريط، بالتهم والافتراء وبث الأكاذيب والإهانة.
واستطرد خطيب أهل السنة في زاهدان: هذه المواقع والصحف ما أرادت قط  التحرك في مجال الوحدة والتضامن الوطني للشعب الإيراني. والمشرفون عليها يزعمون أنفسهم ورثة الثورة والوطن، مع أن الثورة وكذلك الوطن لا يتعلقان بطائفة خاصة أو حزب خاص، بل الثورة والوطن يتعلقان بكافة الشعب الإيراني، وليس لأحد أن يستأثر بالنظام والوطن لنفسه ويتهم غيره بـ “مخالفة النظام”.
واعتبر فضيلة الشيخ عبد الحميد “إكراه الآخرين على السكوت و عدم مطالبة حقوقهم المشروعة الثابتة” من أهداف المواقع والجرائد المتطرفة قائلا: تختصر كافة برامج ونشاطات هذه المواقع في أن لا يطالب أحد حقوقهم المشروعة والثابتة، مع أن القانون يعطي هذا الحق لكل مواطن أن يطالب حقوقه في إطار الدستور والمنطق. مع الأسف عندما يبادر أحد بمطالبة حقوقه من طرقها المشروعة، تقوم قيامة هذه المواقع والجرائد لإخفاء أصوات تطالب حقوقها، بتوجيه التهم وإلإهانات والافتراءات، مع إن إخفاء أصوات تطالب بحقوقها، لها تبعات خطيرة، منها  وقوع الأمر بأيدى المتطرفين وتعرض أمن المجتمع للمخاطر.
وانتقد كذلك خطيب أهل السنة في زاهدان دائرة القضاء والمسؤولين الأمنيين والسياسين في المحافظة بسبب عدم الممانعة من نشر هذه المواقع والجرائد قائلا: لقد سكتنا رجاء أن يقوم المسؤلون بالمنع من هذه الأعمال. وعلينا أن نعلم أننا لسنا الطرف الوحيد الذي تضررنا من التطرف القومي والطائفي في المجتمع، بل تضرر النظام والشعب الإيراني شيعة وسنة من التطرف. لأجل هذا يجب أن لا نترك التطرفات الطائفية تسود المجتمع وأن يسيئ عناصر إلى شخصيات سنية أو شيعية.
وتابع فضيلته: نحن متأكدون أن هذه الجرائد والصحف يتم دعمها من مراكز أخرى، وتلك المراكز هي التي تشجعها على هذه الأعمال.
واتنقد فضيلته وزارة الثقافة والإرشاد في منحه الترخيص لنشاطات هذه المواقع والجرائد في المحافظة وكذلك نشر بعض الكتب المسيئة لمقدسات أهل السنة في الجامعات.
وأضاف فضيلته محذرا من تيار متطرف قومي – مذهبي، يحاول تشويه صورة رموز أهل السنة ومراكزهم الدينية بنشر الكتب المسيئة والمواقع المليئة بالتهم والأكاذيب: هؤلاء الأشخاص يشعرون بالقوة والقدرة والحكم، ولذلك يبادرون إلى مثل هذه الأعمال، ولكن عليهم أن يعلموا جيدا إن كانت القوة والحكم بيدهم، ولكننا لسنا ضعفاء إلى حد يضيع أحد حقوقنا ويضع رجله على أعناقنا فنسكت. وإن كنا نسكت في مواضع، فهذا السكوت دليل كرامتنا ووقارنا وتأملنا في جوانب القضايا.
وأشارفضيلة الشيخ عبد الحميد إلى منع السلطات أخيرا من سفر الحج لإثنين من كبار شخصيات أهل السنة، وانتقد بشدة المطالب والافتراءات التي انتشرت في الجرائد والصحف المتطرفة  بشأن هاتين الشخصيتين قائلا: منع شخصيتان وعالمان من أهل السنة من سفر الحج، وقدمنا احتجاجنا بشأن هذه القضية. ولكن مع الأسف اتهموا كذبا في المواقع والصحف هاتين الشخصيتين بأنهما كانا ضيفان للحكومة السعودية، مع أنهما كانا ضيفان لله ورسوله، ولا للحكومة السعودية. وذكروا أنهما ذهبا للحج في الماضي، مع أن الكثيرين ممن حجوا في هذه السنة، قد تشرفوا للحج في السنوات الماضية. ثم زوجة كل واحدة منهما قد قصدتا لأول مرة الحج.
وأضاف فضيلته ردا على  قولهم أنهما كان يسافران بتأشيرة حرة للحج: أن الكثيرين من الأشخاص وكذلك الهيئات غير التي تشرف عليها مؤسسة الحج، يذهبون للحج بتأشيرات حرة.

قوات التعبئة والشرطة لا بد أن تكونا شعبية وفي خدمة الشعب

وأشار فضيلة الشيخ عبد الحميد في القسم الأخير من خطبته إلى أسبوع قوات التعبئة (الباسيج) قائلا: الباسيج وقوات الشرطة وغيرها من القوات العسكرية يجب أن تكونا شعبية وفي خدمة الشعب.
وأضاف فضيلته قائلا: وصلتنا شكاوي أخيرا أن الأشخاص يتعرضون لإطلاق النار في الطرق الفرعية والأصلية من قبل الشرطة، والشرطة إن كانت فيها عناصر مثقفة كثيرون، ولكن يجب تطهيرها من عناصر غير مثقفين الذين يطلقون النار على الأبرياء الذين لا يحملون سلاحا ولا مخدرات، من قبل هذه القوات. على قوات الشرطة أن يتجنبوا من أعمال مثيرة لسخط الناس ومن تخويف الأبرياء بأعمالهم.

2209 مشاهدات

تم النشر في: 13 يناير, 2012


جميع الحقوق محفوظة لموقع فضيلة الشيخ عبدالحميد إسماعيل زهي Copyright ©